responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 177
الحد عن الأب، لأنه لَهُ حَقّا مِنْ جِنْسِهِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنِ الِابْنِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِنْسِهِ وَهَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ وَانْفِصَالٌ.
فَأَمَّا السَّرِقَةُ فَإِنَّمَا سقط القطع عن كل واحد منهما في مال الْآخَرِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي شُبْهَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْآخَرِ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الِابْنِ قَدْ تَجِبُ فِي مَالِ الْأَبِ كَمَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَبِ فِي مَالِ الِابْنِ فَاسْتَوَيَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَدُّ الْوَطْءِ لِاخْتِصَاصِ الْأَبِ فِيهِ بِالشُّبْهَةِ دُونَ الابن كما يَسْتَحِقُّهُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ مِنَ الْإِعْفَافِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ فَافْتَرَقَا، فَإِذَا ثَبَتَ أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فَفِي تَعْزِيرِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُعَزَّرُ لِيَرْتَدِعَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْ مِثْلِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعَزَّرُ، لِأَنَّ التَّعْزِيرَ بَدَلٌ مِنَ الْحَدِّ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ فَكَذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ تَعْزِيرٌ، فَهَذَا حُكْمُ وَطْءِ الْأَبِ لَهَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا.
فَأَمَّا إِذَا كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا الْأَبُ بَعْدَهُ فَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:
أحدهما: عليه الحد، إذا علم بالتحريم إنها مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا بِخِلَافِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا الِابْنُ فَصَارَتْ مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ فَلَزِمَهُ الْحَدُّ كَمَا يَلْزَمُهُ فِي وَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا وإن وطئها فهي من جملة أمواله التي يتعلق بها شبهة أبيه ويشبه أَنْ يَكُونَ تَخْرِيجُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِ قوليه في وجوب الحد على من وطء أخته من نسبٍ أو رضاع أو بملك اليمين

فصل: القول في وجوب المهر على من وطئ جارية ابنه
وأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ فَهُوَ معتبر بوجود الْحَدِّ وَسُقُوطِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ وَطْءُ شُبْهَةٍ فِي حَقِّهِ، يُوجِبُ دَرْءَ الْحَدِّ فَاقْتَضَى لُزُومَ الْمَهْرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا " وَيَكُونُ الْمَهْرُ حَقًّا لِابْنِهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِنَ اكْتِسَابِ أَمَتِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنِ الْحَدَّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَقَدْ سَقَطَتْ شُبْهَتُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيُنْظَرُ فِي شُبْهَةِ الْأَمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً قَهْرَهَا الأب على نفسها ثبت شُبْهَتُهَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهَا، فَوَجَبَ الْمَهْرُ فِي وَطْئِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شُبْهَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا، وَكَانَتْ مُطَاوِعَةً، فَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً لَمَا وَجَبَ الْمَهْرُ وَإِذْ هِيَ أَمَةٌ، فَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا مَهْرَ لها، لأنها بالمطاوعة قد صَارَتْ بَغِيا وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ " وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي إِسْحَاقَ المروزي.
والقول الثاني: لها المهر ويملكه الحد، لأنه من أكسابه فَلَمْ يَسْقُطْ بِمُطَاوَعَتِهَا وَخَالَفَتِ الْحُرَّةُ الَّتِي تَمْلِكُ مَا أَبَاحَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَا تَمْلِكُهُ الْأَمَةُ، أَلَّا تَرَى أَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ بَذَلَتْ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست