responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 17
كلف به مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَلَا يَعْجَزَ عَنْ تَحَمُّلِ أثقال النبوة فيكون ذلك أكثر لمشاقه وأعظم لأجره.
والقول الثاني: ليكون خَلْوَاتُهُ مَعَهُنَّ يُشَاهِدُهَا مِنْ نِسَائِهِ؛ فَيَزُولُ عَنْهُ مَا يَرْمِيهِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ سَاحِرٌ أَوْ شَاعِرٌ فَيَكُونُ تَحْبِيبُهُنَّ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهِ اللُّطْفِ بِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ الابتلاء له، وَعَلَى أَيِّ الْقَوْلَيْنِ كَانَ فَهُوَ لَهُ فَضِيلَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ نَقْصًا، وَهَذَا مِمَّا هو به مخصوص أيضاً.

مسألة
قال الشافعي: وقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيَّ لَسْتُنَّ كَأَحِدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ} (الأحزاب: 32) فأبانهن به مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مِمَّا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الْكَرَامَاتِ أَنْ فَضَّلَ نِسَاءَهُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {لَسْتُنَّ كَأَحِدٍ مِنَ النِّسَاءِ) {الأحزاب: 32) وَذَلِكَ لِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: لِمَا خَصَّهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ خَلْوَةِ رَسُولِهِ وَنُزُولِ الْوَحْيِ بَيْنَهُنَّ.
وَالثَّانِي: لِاصْطِفَائِهِنَّ لِرَسُولِهِ أَزْوَاجًا فِي الدُّنْيَا وَأَزْوَاجًا فِي الْآخِرَةِ.
وَالثَّالِثُ: لِمَا ضَاعَفَهُ لَهُنَّ مِنْ ثَوَابِ الْحَسَنَاتِ وَعِقَابِ السَّيِّئَاتِ.
وَالرَّابِعُ: لِمَا جَعَلَهُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ أُمَّهَاتٍ مُحَرَّمَاتٍ فَصِرْنَ بِذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ النِّسَاءِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ أَفْضَلِ نِسَاءِ زَمَانِهِنَّ.
والثاني: أفضل النساء كلهن وفي قوله " إن اتقيتن " تَأْوِيلَانِ مُحْتَمَلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ إِنِ اسْتَدَمْتُنَّ التَّقْوَى فَلَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ فَكُنَّ أَخَصَّهُنَّ بِالتَّقْوَى، فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْنَاهُ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي مَعْنَاهُ مَعْنَى الْأَمْرِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَلاَ تَخْضَعْنَّ بِالْقَولِ فَيَطْمَع الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) {الأحزاب: 32) وَفِي خُضُوعِهِنَّ بِالْقَوْلِ خَمْسَةُ تأويلات:
أحدها: فلا ترفعن بِالْقَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ.
وَالثَّانِي: فَلَا تُرَخِّصْنَ بِالْقَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالثَّالِثُ: فَلَا تكلمن بالرفث، وهو قول الحسن.
والرابع: هو الْكَلَامُ الَّذِي فِيهِ مَا يَهْوَى الْمُرِيبُ، وَهُوَ قول الكلبي.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست