responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 163
فصل
فإذا صح ما ذكرناه مِنْ صِفَةِ الْعَقْدِ وَكَيْفِيَّتِهِ فَلِتَمَامِهِ وَإِبْرَامِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَبُولُ الزَّوْجِ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ بَذْلِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ تَرَاخَى مَا بينهما بسكوت وإن قل لم يصح العقد إلا أن يكون لبلع ريق أو انقطاع نفس فيصبح الْعَقْدُ وَإِنْ تَخَلَّلَتْهُ هَذِهِ السَّكْتَةُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ بَذْلِ الْوَلِيِّ وَقَبُولِ الزَّوْجِ كَلَامٌ ليس بذل وَلَا قَبُول فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ لَيْسَ منهما لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، لِأَنَّ خُرُوجَهُمَا إِلَى غَيْرِهِ من الكلام قطع لحكم مَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فَاقْبَلِ النِّكَاحَ مِنِّي لَمْ يَكُنْ هَذَا قَطْعًا لِحُكْمِ بَذْلِهِ، لِأَنَّهُ حَثٌّ مِنْهُ على القبول، وهكذا لو قال: قد زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فَقُلْ لِي قَدْ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لَمْ يَكُنْ قَطْعًا لِحُكْمِ بَذْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " فَاقْبَلِ النِّكَاحَ مِنِّي " فَأَمَّا إِذَا قَالَ: قد زوجتك بنتي فأحسن إليها أو قال فاستوصي بِهَا خَيْرًا كَانَ هَذَا قَطْعًا لِبَذْلِهِ؛ لِأَنَّهَا وصية لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَذْلِ وَلَا بِالْقَبُولِ، وَلَكِنْ لَوْ قال: قد زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تضمن صفة الْوَصِيَّةِ فَهُوَ بَيَانٌ لِحُكْمِ الْبَذْلِ وَالْقَبُولِ.
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ عِنْدَ قَبُولِ الزَّوْجِ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ، فَإِنْ قَبِلَ الزَّوْجُ وَقَدْ مَاتَ الْوَلِيُّ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِبُطْلَانِ بَذْلِهِ بِخُرُوجِهِ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ.
فَإِذَا تَكَامَلَتْ شُرُوطُ الْعَقْدِ عَلَى ما وصفنا فقد انعقد بإجزاء لَا يَثْبُتُ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ خِيَارُ المجلس بالعقد ولا خيار الثلاث الشرط بِخِلَافِ الْبَيْعِ، لِأَنَّ الْخِيَارَ مَوْضُوعٌ لِاسْتِدْرَاكِ الْمُعَايِنَةِ فِي الْأَعْوَاضِ وَلَيْسَ النِّكَاحُ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْإِخْلَالِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ مِنَ الصَّدَاقِ، فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ خِيَارُ الثَّلَاثِ أَبْطَلَهُ.
وَقَالَ أبو حنيفة: يَبْطُلُ الْخِيَارُ وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمُنَافِيَةَ لِلْعُقُودِ تُبْطِلُهَا كالشروط في سائر العقود - والله أعلم.

مسألة
قال الشافعي: " وَأُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ خُطْبَتِهِ وَكُلِّ أمرٍ طلبه سوى الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسوله عليه الصلاة والسلام والوصية بتقوى الله ثُمَّ يَخْطِبُ وَأُحِبُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذلك وأن يقول ما قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنْكَحْتُكَ عَلَى مَا أَمَرَ الله بِهِ مِنْ إِمْسَاكٍ بمعروفٍ أَوْ تسريحٍ بإحسانٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ خُطْبَةَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةُ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ: خُطْبَةُ النِّكَاحِ وَاجِبَةٌ اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ " وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا عَقَدَ لِنَفْسِهِ نِكَاحًا إِلَّا بَعْدَ خُطْبَةٍ، فكان الخاطب في تزويجه خديجة عمه أبا طالب، وكان الخاطب بتزويجه بِعَائِشَةَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزَوَّجَ فَاطِمَةَ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست