responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 475
وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُقَالُ مَكَّةَ بِالْمِيمِ وَبَكَّةَ بِالْبَاءِ لُغَتَانِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْحَرَمِ كُلِّهِ، وَبِالْبَاءِ اسْمٌ لِلْمَسْجِدِ، وَقِيلَ بِالْمِيمِ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ مَعَ الْمَطَافِ وَقِيلَ بِدُونِهِ (يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ) بِالْحَجِّ (أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ وَأَنْ يَدْخُلَهَا (مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ، وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ (مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ) يَعْنِي ثَنِيَّةَ كَدَاءٍ مَوْضِعٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْهَا (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي طَرِيقِهِ) لِمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَجَ إلَيْهَا قَصْدًا» ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَهُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ تَخْصِيصَهُ بِالْآتِي مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ لِلْمَشَقَّةِ وَأَنَّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا كَانَ اتِّفَاقًا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْغُسْلِ بِذِي طُوًى.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي كَدَاءٍ مِنْ الْحِكْمَةِ أَيْ الْآتِيَةِ غَيْرُ حَاصِلٍ بِسُلُوكِ غَيْرِهَا وَفِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ النَّظَافَةُ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نَعَمْ فِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُعَرِّجَ لِلدُّخُولِ يَنْتَهِي إلَى مَا يَدْخُلُ مِنْهُ الْآتِي مِنْ الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا يَمُرُّ بِذِي طُوًى أَوْ يُقَارِبُهُ جِدًّا كَالْآتِي مِنْ الْيَمَنِ فَإِذَا أُمِرَ الْمَدَنِيُّ بِذَهَابِهِ إلَى قِبَلِ وَجْهِهِ لِيَغْتَسِلَ بِذِي طُوًى، ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى خَلْفٍ فَأَمْرُ الْيَمَنِيِّ، وَقَدْ مَرَّ بِهِ أَوْ قَارَبَهُ بِالْأَوْلَى وَأَقُولُ لَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ قَبْلَ تَعْرِيجِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ لِيَغْتَسِلَ بَلْ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ، وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيجَ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ بِذِي طُوًى) بِفَتْحِ الطَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، وَادٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، وَأَقْرَبُ إلَى السُّفْلَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هَذَا إنْ كَانَتْ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَإِلَّا اغْتَسَلَ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَلَوْ قِيلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعْرِيجُ إلَيْهَا وَالِاغْتِسَالُ بِهَا اقْتِدَاءً وَتَرْكًا لَمْ يَبْعُدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ أَيْ مَبْنِيَّةٍ، وَالطَّيُّ الْبِنَاءُ (وَ) أَنْ (يَخْرُجَ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى) بِأَسْفَلِهَا أَيْ مَكَّةَ بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ، وَفِي دُخُولِهِ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ الذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْإِيَابُ مِنْ أُخْرَى كَالْعِيدِ وَغَيْرِهِ لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَخُصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَوْضِعًا عَالِيَ الْمِقْدَارِ، وَالْخَارِجُ عَكْسُهُ وَلِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ قَالَ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] كَانَ عَلَى الْعُلْيَا كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْضًا كَاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْيَمِينِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ، وَالْيَسَارِ لِلْخَارِجِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عِبَادَةً فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَرِدْ نَقْلٌ بِدَفْعِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا وَصَلَ الْحَرَمَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي قَلْبِهِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَيَتَذَكَّرَ جَلَالَةَ الْحَرَمِ وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُكَ وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ وَأَمِّنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَهْلِ طَاعَتِك.

(وَدُخُولُهُ) مَكَّةَ (نَهَارًا وَمَاشِيًا) وَحَافِيًا، وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ، وَلَمْ يَخَفْ تَنَجُّسَ رِجْلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (أَفْضَلُ) مِنْ دُخُولِهِ لَيْلًا وَرَاكِبًا وَمُتَنَعِّلًا أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ وَأَرْفَقُ بِهِ وَأَقْرَبُ إلَى مُرَاعَاتِهِ الْوَظَائِفَ الْمَشْرُوعَةَ، وَدُخُولُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ وَلَيْسَ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَلَا فَوَاتُ مُهِمٍّ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا مَرَّ لِمَا تَقَدَّمَ، ثَمَّ؛ وَلِأَنَّ الرَّاكِبَ فِي الدُّخُولِ مُتَعَرِّضٌ لِإِيذَاءِ النَّاسِ بِدَابَّتِهِ فِي الزَّحْمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ أَفْضَلِيَّةِ الْمَشْيِ بِمَنْ لَا يُشَقُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْوَظَائِفِ وَيُشْبِهُ أَنَّ دُخُولَ الْمَرْأَةِ فِي هَوْدَجِهَا وَنَحْوِهِ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الزَّحْمَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ دُخُولُهُ مَكَّةَ بِخُشُوعِ قَلْبِهِ وَخُضُوعِ جَوَارِحِهِ دَائِمًا مُتَضَرِّعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَكُونُ مِنْ دُعَائِهِ مَا رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ: اللَّهُمَّ الْبَلَدُ بَلَدُك وَالْبَيْتُ بَيْتُكَ جِئْت أَطْلُبُ رَحْمَتَك وَأَؤُمُّ طَاعَتَك مُتَّبِعًا لِأَمْرِكَ وَرَاضِيًا بِقَدَرِك مُسَلِّمًا لِأَمْرِك أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إلَيْكَ الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِك أَنْ تَسْتَقْبِلَنِي بِعَفْوِك وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنِّي بِرَحْمَتِك وَأَنْ تُدْخِلَنِي جَنَّتَكَ» قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيَقُولُ آيِبُونَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَهُ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْحَقُّ

(قَوْلُهُ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا) بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ فَمَنْ نَوَّنَهُ جَعَلَهُ نَكِرَةً وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْهُ جَعَلَهُ مَعْرِفَةً (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ أَفْضَلِيَّتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَيُشْبِهُ أَنَّ دُخُولَ الْمَرْأَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 475
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست