responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 455
بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ حُطَّ) التَّفَاوُتُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِنُقْصَانِ الْأَفْعَالِ وَقِيلَ لَا حَطَّ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَدُّدِ الْأَفْعَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ تَجْدِيدُ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الدَّمَ عَنْ الْقَارِنِ عَلَى الصَّحِيحِ مَرْدُودٌ؛ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ فِي سُقُوطِ الدَّمِ بِعَوْدِ الْقَارِنِ خِلَافًا، وَالْمَذْهَبُ سُقُوطُهُ عَنْهُ وَمَا هُنَا لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِهِ عَنْ الْأَجِيرِ فَالْوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَ الْمُسْتَأْجَرَ دَمٌ؛ لِأَنَّ مَا شَرَطَهُ يَقْتَضِيهِ.

(فَرْعٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ، وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ وَقَعَا) أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (لَهُ) أَيْ لِلْأَجِيرِ (وَانْفَسَخَتْ فِيهِمَا) مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَحَلُّ وُقُوعِهِمَا لِلْأَجِيرِ مَا إذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَقَالُوا: لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ فَيَعْتَمِرَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا إذْنِ وَارِثٍ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ) يَقَعَانِ لِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ (وَالدَّمُ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يُعَدِّدَ الْأَفْعَالَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا.
(وَإِنْ تَمَتَّعَ) بَدَلَ الْإِفْرَادِ (فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَقَدْ أُمِرَ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِيهِمَا) الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ وَغَيْرِهِ فِيهَا أَيْ الْعُمْرَةِ لِوُقُوعِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ، نَعَمْ أَنْ أَتَى بِهَا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ فَلَا انْفِسَاخَ فَلْيُحْمَلْ الِانْفِسَاخُ فِيهَا عَلَى الِانْفِسَاخِ ظَاهِرًا أَوْ عَلَى الِانْفِسَاخِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا وَمَا قَالَهُ قَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْقِرَانِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ أُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ وَ) لَكِنْ (إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَتَسَمَّحُوا فِي قَوْلِهِمْ وَأُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ فَلْيَؤُلْ أَمْرُهُ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ أَيْ لِيَكُونَ ذَلِكَ إفْرَادًا عَلَى وَجْهٍ، وَتَكُونُ صُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْأَجِيرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيَتَصَوَّرَ لُزُومَ الدَّمِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَا مَرَّ وَأُورِدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَالَفَ لَمْ يَقَعْ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ، وَأَجَابَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُسْتَأْجَرِ فِي ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَصِّلُ النُّسُكَ لِنَفْسِهِ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يُحَصِّلُهُ لِيُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَالْمُخْرَجُ مُخْتَلِفُ الْفَضَائِلِ فَلْيُرَاعِ غَرَضَهُ فِيهِ.
ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مَعَهَا لِغَيْرِ الْمُبَاشَرَةِ وَقَدْ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَأْجَرِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا إلَى وُقُوعِهِ عَنْهُ مَعَهَا بَلْ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي نَظَائِرِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَحْصِيلَهُ لِغَرَضِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ عَاجِلًا بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الِانْتِفَاعَاتِ قَسِيمًا لِلِانْتِفَاعَاتِ الْعَاجِلَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} [الإنسان: 27] وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْكُوفَةَ لِإِحْرَامِ الْأَجِيرِ فَجَاوَزَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ دَمٌ إلْحَاقًا لِلْمِيقَاتِ الشَّرْطِيِّ بِالْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ.

(فَرْعٌ جِمَاعُ الْأَجِيرِ) قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ (لَكِنْ يَنْقَلِبُ) فِيهِمَا الْحَجُّ (لِلْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ فَانْقَلَبَ لَهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِصِفَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِهَا يَقَعُ لِلْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا غَيْرَ مُفْسِدٍ (كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ) إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا قَضَاؤُهُ) أَيْ الْحَجِّ الَّذِي أَفْسَدَهُ يَلْزَمُهُ وَيَقَعُ لَهُ كَحَجِّهِ الْفَاسِدِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِي فَاسِدِهِ وَ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ غَيْرَهُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ عَنْ حَجِّ الْمُسْتَأْجِرِ (وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا الْخِيَارُ) فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ هَذَا إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مِنْ مُتَطَوِّعٍ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ مَيِّتٍ (فَإِنْ كَانَتْ) مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ إلَخْ) لَوْ أَحْرَمَ أَجِيرٌ مَوْقُوفًا ثُمَّ صَرَفَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ فَهَلْ يَقَعُ لَهُ أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا

اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 455
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست