responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 297
تَعَالَى لِيُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ.
أَمَّا الصَّحِيحُ فَقِيلَ الْأَوْلَى لَهُ تَغْلِيبُ خَوْفِهِ عَلَى رَجَائِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِوَاؤُهُمَا إذْ الْغَالِبُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَعًا كَقَوْلِهِ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13] {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14] {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الحاقة: 19] " {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: 25] وَفِي الْإِحْيَاءِ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ دَاءُ الْقُنُوطِ فَالرَّجَاءُ أَوْلَى أَوْ دَاءُ أَمْنِ الْمَكْرِ فَالْخَوْفُ أَوْلَى (فَإِنْ مَاتَ فَلْيُغْمِضْ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ عَيْنَيْهِ) لِئَلَّا يَقْبَحَ مَنْظَرُهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمُهْدِيَيْنِ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» وَقَوْلُهُ «تَبِعَهُ الْبَصَرُ» أَيْ ذَهَبَ أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَى الرُّوحِ أَيْنَ تَذْهَبُ وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ وَقُبِضَ أُخْرِجَ مِنْ الْجَسَدِ وَشَقَّ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ.
وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ، وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وقَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] تَقْدِيرُهُ عِنْدَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِيمَا يُقَالُ حَالَ إغْمَاضِهِ وَيُسْتَحْسَنُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ قَالَ إذَا أَغْمَضْت الْمَيِّتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَإِذَا حَمَلْته فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ تُسَبِّحُ مَا دُمْت تَحْمِلُهُ (وَيَشُدُّ لَحْيَيْهِ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ يَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ) حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ وَقُبْحِ مَنْظَرِهِ (وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بِالْمَدِّ وَالرَّدِّ) فَيَرُدُّ سَاعِدَهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقِهِ إلَى فَخِذِهِ وَفَخِذَهُ إلَى بَطْنِهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا (وَ) يُلَيِّنُ (أَصَابِعَهُ) تَسْهِيلًا لِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ فَإِذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ حِينَئِذٍ لَانَتْ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَلْيِينُهَا بَعْدُ (وَيَنْزِعُ) عَنْهُ (ثِيَابَهُ) الْمَخِيطَةَ (الَّتِي مَاتَ فِيهَا) بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِئَلَّا يَسْرُعَ فَسَادُهُ (وَيَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ خَفِيفٍ لَا أَكْثَرَ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبٍ حِبَرَةٍ» هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ تُنْسَجُ بِالْيَمَنِ «وَسُجِّيَ غُطِّيَ»
(وَيَجْعَلُ طَرَفَيْهِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَالْآخَرَ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ وَسَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَحْرَمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (وَيَضَعُ عَلَى بَطْنِهِ) شَيْئًا (ثَقِيلًا كَسَيْفٍ وَمِرْآةٍ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ (ثُمَّ طِينٌ رَطْبٌ) ثُمَّ مَا تَيَسَّرَ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَنَسًا أَمَرَ بِوَضْعِ حَدِيدَةٍ عَلَى بَطْنِ مَوْلًى لَهُ مَاتَ وَقَدَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُوضَعُ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيْفَ وَنَحْوَهُ يُوضَعُ بِطُولِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْمَوْضُوعَ يَكُونُ فَوْقَ الثَّوْبِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ) نَدْبًا احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ (وَيَرْفَعُهُ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا هُوَ مُرْتَفِعٌ فَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَوَاتِهَا وَلَا عَلَى فِرَاشٍ لِئَلَّا يُحْمَى فَيَتَغَيَّرَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً جَازَ جَعْلُهُ عَلَيْهَا يَعْنِي مِنْ غَيْر ارْتِكَابِ خِلَافِ الْأَوْلَى.
(وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ) الْقِبْلَةَ (كَالْمُحْتَضَرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى جَنْبِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إلْقَاؤُهُ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَيُوضَعُ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ (وَالرِّجَالُ بِالرِّجَالِ أَوْلَى) بِمَا ذَكَرَ وَكَذَا النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بِالْعَكْسِ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ لَهُمَا مَعَ الْغَضِّ وَعَدَمِ الْمَسِّ انْتَهَى وَيُومِئُ إلَيْهِ زِيَادَةُ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةَ أَوْلَى وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذَكَرَ الزَّوْجَانِ بَلْ أَوْلَى (وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ نَدْبًا (بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَإِنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ إنْ تَيَسَّرَ) حَالًّا تَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ وَلِخَبَرِ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا الرُّوحُ وَمُعَلَّقَةٌ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَالًّا سَأَلَ وَلِيُّهُ غُرَمَاءَهُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْبَرَاءَةَ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ مِيرَاثًا لِلْمَيِّتِ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ تَجِبُ عِنْدَ طَلَبِ ذِي الْحَقِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِيُحْسِنْ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ إذَا رَأَوْا مِنْهُ أَمَارَاتِ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ إذْ قَدْ يُفَارَقُ عَلَى هَذَا فَيَهْلَكُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهَذَا الْحَالُ مِنْ أَهَمِّهَا وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بِالْمَدِّ وَالرَّدِّ إلَخْ) لَوْ احْتَاجَ فِي تَلْيِينِ مَفَاصِلِهِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الدُّهْنِ فَلَا بَأْسَ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَيَنْزِعُ ثِيَابَهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا) هَذَا فِيمَنْ يُغَسَّلَ لَا فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُسْرِعَ فَسَادُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ الْقَمِيصُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ إذَا كَانَ طَاهِرًا إذْ لَا مَعْنَى لِنَزْعِهِ ثُمَّ إعَادَتُهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ خَوْفُ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ طَهَارَةِ الْقَمِيصِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا) أَيْ تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيْفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنَّ الْمَوْضُوعَ يَكُونُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إلْقَاؤُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ لَهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُبَادِرُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِغُسْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ ح (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ تَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ طَلَبِ ذِي الْحَقِّ

اسم الکتاب : أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 297
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست