responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 49
«هُوَ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ» وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ لَا فِي النَّجَاسَاتِ فَيُحْمَلُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِيهَا انْتَهَى.
(قُلْتُ) : كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ مَنَعَ التَّطْهِيرَ بِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَمْ أَقِفْ عَلَى أَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ طَعَامًا إلَّا فِي كَلَامِهِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ مَا تَقَدَّمَ فَلْيُعْتَمَدْ عَلَيْهِ ثُمَّ وَقَفَتْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي وَنَصُّهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَلَا يُسْتَعْمَلُ مَاءُ زَمْزَمَ فِي الْمَرَاحِيضِ وَلَا يُخْلَطُ بِهِ نَجَسٌ وَلَا يُزَالُ بِهِ وَلَا يُغْسَلُ بِهِ فِي حَمَّامٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ مَنْ سَلِمَتْ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ مِنْ النَّجَسِ وَكَذَلِكَ يَغْتَسِلُ بِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ مَنْ لَيْسَ بِظَاهِرِ جَسَدِهِ أَذًى وَإِنْ أَصَابَ الْفَرْجَيْنِ إذَا كَانَا طَاهِرَيْنِ انْتَهَى. قَالَ فِي بَابِ الْحَجِّ: وَيَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَلَا يُغْسَلُ بِهِ نَجَسٌ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنَّمَا أَطَلْتُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) لِاضْطِرَابِ النُّقُولِ فِيهَا فَأَرَدْتُ تَحْرِيرَ مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِيهَا وَأَمَّا الْكَلَامُ عَلَى فَضْلِهَا وَفَضْلِ الشُّرْبِ مِنْهَا فَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْآبَارِ آبَارُ ثَمُودَ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِمَائِهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَنَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَذَلِكَ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حِين مَرُّوا بِهَا أَنْ يَشْرَبُوا إلَّا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا مَا عَجَنُوهُ مِنْ تِلْكَ الْآبَارِ وَيُهْرِيقُوا الْمَاءَ» وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَاخِرِ صَحِيحِهِ بَعْدَ كِتَابِ الزُّهْدِ وَفِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَعْلِفُوا الْعَجِينَ الْإِبِلَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِرَاقَةِ مَا سَقَوْا وَعَلْفَ الْعَجِينِ لِلدَّوَابِّ حُكْمٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ بِالنَّجَاسَةِ إذْ ذَلِكَ حُكْمُ مَا خَالَطَتْهُ النَّجَاسَةُ أَوْ كَانَ نَجِسًا وَلَوْلَا نَجَاسَةُ الْمَاءِ لِمَا أُتْلِفَ الطَّعَامُ الْمُحْتَرَمُ شَرْعًا، وَأَمْرُهُ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ دَلِيلٌ عَلَى التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَإِنْ تَقَادَمَتْ أَعْصَارُهُمْ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ: (فَإِنْ قُلْتَ) : مَاءٌ كَثِيرٌ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ.
(قُلْتُ) : هُوَ مَاءُ الْآبَارِ الَّتِي فِي أَرْضِ ثَمُودَ.
وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا، قَالُوا: قَدْ اسْتَقَيْنَا وَعَجَنَّا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُرِيقُوا الْمَاءَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ وَذَلِكَ لِأَجَلِ أَنَّهُ مَاءُ سَخَطٍ فَلَمْ يَجُزْ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِرَارًا مِنْ سَخَطِ اللَّهِ اُنْظُرْ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر: 80] وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلنَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مَاءُ سَخَطٍ وَغَضَبٍ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر: 80] مَنْعَ الْوُضُوءِ مِنْ بِئْرِ ثَمُودَ لَأَنَّهَا بِئْرُ غَضَبٍ وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِطَرْحِ مَا عُجِنَ مِنْهَا وَبِالتَّيَمُّمِ وَتَرْكِ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْآبَارِ وَهُوَ خِلَافُ مَا هُنَا مِنْ الْعُمُومِ يَعْنِي قَوْلَ الرِّسَالَةِ وَمَاءَ الْآبَارِ.
(قُلْتُ) : وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالشَّيْخُ زَرُّوق أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مَاءُ سَخَطٍ وَغَضَبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَوْا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِغَسْلِ أَوْعِيَتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ مِنْهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ ثِيَابِهِمْ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَنُقِلَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نُقِلَ لِمَا دَلَّ عَلَى النَّجَاسَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي اجْتِنَابِ ذَلِكَ الْمَاءِ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْآبَارَ قَالَ: إلَّا مِيَاهَ أَبْيَارِ الْحِجْرِ فَإِنَّهُ نَهَى عَنْ شُرْبِهَا وَالطَّهَارَةِ بِهَا إلَّا بِئْرَ النَّاقَةِ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ انْتَهَى. وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق وَأَمْرُهُمْ بِالتَّيَمُّمِ وَتَرْكُ اسْتِعْمَالِهَا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست