responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 432
رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِصَوَابٍ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الْمَدِينَةِ أَرَادَ أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ حَتَّى نُهِيَ عَنْهُ فَتَرَكَهُ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَقُولُهُ الْمُؤَذِّنُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَرَوَى مُجَاهِدٌ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مَسْجِدًا وَقَدْ أُذِّنَ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُصَلِّيَ فَثَوَّبَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: اُخْرُجْ بِنَا عَنْ هَذَا الْمُبْتَدِعِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ التَّثْوِيبَ هُوَ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ زَادَهَا مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ مِنْ الشِّيعَةِ، وَرَجَّحَ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ التَّثْوِيبَ فِي اللُّغَةِ الرُّجُوعُ إلَى الشَّيْءِ يُقَالُ: ثَابَ إلَى عَقْلِهِ أَيْ رَجَعَ، وَثَوَّبَ الرَّاعِي أَيْ: كَرَّرَ النِّدَاءَ، وَمِنْهُ قِيلَ: لِلْإِقَامَةِ تَثْوِيبٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْأَذَانِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا، وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ» وَقَدْ يَقَعُ التَّثْوِيبُ عَلَى قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بِلَالٍ قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَثْوِيبَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا صَلَاةَ الْفَجْرِ» .
وَلَيْسَ هَذَا التَّثْوِيبُ الَّذِي كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى ". وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: التَّثْوِيبُ الرُّجُوعُ فَمَنْ جَعَلَهُ قَوْلَهُ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " فَكَأَنَّهُ لَمَّا حَثَّ عَلَى الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ عَادَ إلَى الْحَثِّ عَلَى الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّثْوِيبُ هُوَ الْمُشْعِرُ بِحُضُورِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، وَقِيلَ: إنَّمَا قِيلَ لِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ تَثْوِيبٌ؛ لِأَنَّهُ تَكْرِيرٌ لِمَعْنَى الْحَيْعَلَتَيْنِ، وَقِيلَ: لِتَكْرِيرِهَا مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَر الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مَسْأَلَةَ التَّثْوِيبِ وَأَنَّ التَّحْضِيرَ الْمُسْتَعْمَلَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ أَعْنِي قَوْلَهُمْ: الصَّلَاةُ حَضَرَتْ، وَكَذَلِكَ التَّأْهِيبُ لِلْجُمُعَةِ أَعْنِي قَوْلَهُمْ: تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَقَالَ لَمْ يَقُلْ بِالتَّحْرِيمِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ بَلْ النَّاسُ فِيهِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَحْسَنَهُ وَفِي كَلَامِهِ مَيْلٌ إلَى اسْتِحْسَانِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ التَّصْبِيحُ يَعْنِي قَوْلَهُمْ: أَصْبَحَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَذَكِرَ كَلَامَ ابْنِ سَهْلٍ فِي قِيَامِ الْمُؤَذِّنِ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا يُفْعَلُ عِنْدَهُمْ مِنْ الْبُوقِ وَالنَّفِيرِ فِي الْمَنَارِ فِي التَّسْحِيرِ فِي رَمَضَانَ، وَمَالَ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْقَرَوِيِّينَ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّهُ مَعْصِيَةٌ فِي أَفْضَلِ الشُّهُورِ، وَأَفْضَلِ الْأَمَاكِنِ وَأَنَّ قَاضِيَ الْقَيْرَوَانِ كَتَبَ بِذَلِكَ إلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَأَجَابَهُ: إنْ عَادَ إلَى مِثْلِ هَذَا فَأَدِّبْهُ، وَقَالَ إنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ شَيْخِهِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ: الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الرَّجُلُ إذْ لَمْ يُجِزْ الْبُوقَ فِي الْأَعْرَاسِ إلَّا ابْنُ كِنَانَةَ فَأَجَابَهُ بِأَنْ قَالَ: تِلْكَ الْبُوقَاتُ الْمُنْكَرَةُ إلَّا فِي الْأَعْرَاسِ لَهَا لَذَّةٌ فِي النَّغَمَاتِ، وَسَمَاعِ الْأَصْوَاتِ كَمَا يُقَالُ فِي الْأَنْدَلُسِ وَأَمَّا هَذِهِ فَأَصْوَاتٌ مُفْزِعَةٌ تُفْزِعُ حَتَّى الْحِمَارِ.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُحْدَثَةٌ مِنْهَا مَا هُوَ حَسَنٌ كَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فِي الْمَنَارِ وَالتَّثْوِيبِ، وَالتَّأْهِيبِ، وَالتَّصْبِيحِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ جَائِزٌ: كَالْأَبْوَاقِ وَالنَّفِيرِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا حَرَامًا، وَأَنَّ غَايَةَ مَا يَقُولُ الْمُخَالِفُ فِيهَا بِالْكَرَاهَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَإِنْكَارُ الْأَبْوَاقِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ.
(قُلْتُ) وَمَنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَفْعَلُونَهُ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْأَذَانِ الثَّانِي لِلصُّبْحِ عَلَى سَطْحِ زَمْزَمَ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: الصَّلَاةَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إعْلَامًا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَ الْأَذَانِ الثَّانِي عَلَى حَزْوَرَةٍ {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95] الْآيَاتِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ يَقُولُ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الإسراء: 111] إلَى آخِرِ السُّورَةِ فَمَنْ أَجَازَ مَا تَقَدَّمَ يُجِيزُ هَذَا، وَمَنْ كَرِهَهُ يَكْرَهُهُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: إنَّ الْإِمَامَ يَنْهَى الْمُؤَذِّنِينَ عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ قِرَاءَةِ {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95] وقَوْله تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] عِنْدَ إرَادَتِهِمْ الْأَذَانَ لِلْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ كُلُّهَا بَرَكَةً، وَخَيْرًا لَكِنْ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَضَعَ الْعِبَادَةَ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست