responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 422
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ لِيُعْمَلَ حَتَّى يُضْرَبَ بِهِ لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ، فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ، قُلْتُ: نَدْعُو بِهِ لِلصَّلَاةِ، فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَذَكَرَ الْأَذَانَ، وَالْإِقَامَةَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت فَقَالَ: إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَلْيُؤَذِّنْ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ الْأَذَانَ خَرَجَ مُسْرِعًا يَسْأَلُ عَنْ الْخَبَرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَمْدُ لِلَّهِ» .
وَعَنْ أَبِي دَاوُد قَالَ: «اهْتَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ فَقِيلَ لَهُ: نَنْصِبُ رَايَةً فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ فَذَكَرُوا لَهُ الْقُنْعَ يَعْنِي: الشَّبُّورَ فَلَمْ يُعْجِبْهُ وَقَالَ: هُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ، فَذَكَرُوا لَهُ النَّاقُوسَ، فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى» وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ يُرْوَى الْقُبَعُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَفْتُوحَةً وَبِالنُّونِ سَاكِنَةً، قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ يَقُولُ: الْقُثْعُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْجَمِيعُ أَسْمَاءٌ لِلْبُوقِ فَبِالنُّونِ مِنْ إقْنَاعِ الصَّوْتِ، وَالرَّأْسِ وَهُوَ رَفْعُهُ، وَبِالْبَاءِ مِنْ السَّتْرِ يُقَالُ: قَبَعَ رَأْسَهُ إذَا أَدْخَلَهُ فِيهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: الشَّبُّورُ عَلَى وَزْنِ التَّنُّورِ: الْبُوقُ، وَيُقَالُ هُوَ مُعَرَّبٌ.
(فَائِدَةٌ) أُخْرَى وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ عُنُقٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَطْوَلُ النَّاسِ تَشَوُّفًا إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمُتَشَوِّفَ يُطِيلُ عُنُقَهُ، وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: إذَا أَلْجَمَ النَّاسَ الْعَرَقُ طَالَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ الدُّنُوُّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ رُءُوسٌ، وَقِيلَ: أَكْثَرُ أَتْبَاعًا، وَقِيلَ: أَكْثَرُ النَّاسِ أَعْمَالًا، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ مِنْ سَيْرِ الْعُنُقِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «لَا يَزَالُ الرَّجُلُ مُعْنِقًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا يَعْنِي مُتَبَسِّطًا فِي سَيْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْأَذَانُ أَفْضَلُ أَمْ الْإِقَامَةُ أَفْضَلُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ وَنَحْوُهُ لِلْبَرْزَلِيِّ وَزَادَ فَقَالَ لِلِاحْتِجَاجِ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَجِّلُوا لَحِقَتْهُمْ الْعُقُوبَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] وَأَمَّا الْخُلَفَاءُ فَمَنَعَهُمْ عَنْهُ الِاشْتِغَالُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ عُمَرُ لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْتُ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْأَذَانُ أَوْ الْإِمَامَةُ فَقِيلَ: الْأَذَانُ أَفْضَلُ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقِيلَ الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْمِصْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ، وَنَصُّهُ: " الْأَذَانُ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ كَافَّةً يُقَاتَلُونَ لِتَرْكِهِ " أَبُو عُمَرَ، رَوَى الطَّبَرِيُّ إنْ تَرَكَهُ أَهْلُ مِصْرٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَرَوَى أَشْهَبُ: إنْ تَرَكَهُ مُسَافِرٌ عَمْدًا أَعَادَ صَلَاتَهُ.
(قُلْتُ) هَذَا الَّذِي عَزَاهُ عِيَاضٌ لِرِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ قَالَ: وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْمُخَالِفِ بِوُجُوبِهِ، وَفِي كَوْنِهِ بِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ سُنَّةً أَوْ وَاجِبًا طَرِيقًا لِلْبَغْدَادِيَّيْنِ وَالشَّيْخِ وَفِي الْمُوَطَّإِ: إنَّمَا يَجِبُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ الْمَازِرِيُّ فَسَّرَ الْقَاضِي الْوُجُوبَ بِالسُّنَّةِ، وَغَيْرُهُ السُّنَّةَ بِعَدَمِ الشَّرْطِيَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَذَانَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ فَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ لَمْ يَسْمَعْ الْأَذَانَ أَغَارَ وَإِلَّا أَمْسَكَ» ، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ لِلْإِعْلَامِ وَبِدُخُولِ الْوَقْتِ وَبِحُضُورِ الْجَمَاعَةِ فَأَوْجَبَهُ فِي الْمُوَطَّإِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ: إنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ إقَامَةَ السُّنَنِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ لَوْ تَرَكَهُ أَهْلُ بَلَدٍ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 422
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست