responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 401
الضُّحَى فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَهَذِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا ذَكَرَهَا شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى كَشْفَ الْغِطَاءِ فِي تَبْيِينِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَذَكَرَ السَّبْعَةَ الْأُوَلَ مِنْهَا صَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُ.
وَذَكَرَ غَيْرُهُ شَيْئًا مِنْ الْأَقْوَالِ الْأُخَرِ وَذَكَرَ الْجُزُولِيُّ قَوْلًا أَنَّهَا الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ زَرُّوق أَنَّهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيِّ وَقَالَ إنَّهُ خَارِجُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ زَرُّوق قَوْلًا آخَرَ أَنَّهَا الْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ فَتَصِيرُ الْأَقْوَالُ عِشْرِينَ قَوْلًا.
وَالْوُسْطَى تَأْنِيثُ الْوَسَطِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) الْمُخْتَارُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَقَوْلِهِ: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: 28] .
(وَالثَّانِي) التَّوَسُّطُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مَوْجُودٌ فِي الصُّبْحِ. أَمَّا فَضْلُهَا فَمَعْلُومٌ، وَأَمَّا كَوْنُهَا مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قَرِيبًا.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الرِّسَالَةِ فَهِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
قَالَ ابْنُ نَاجِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَتَى بِهِ مُرْتَضِيًا لَهُ وَمُحْتَجًّا بِهِ عَلَى الْمُخَالِفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّئًا مِنْهُ قَالَ وَذَكَرْتُ هَذَا فِي دَرْسِ شَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ فَخَالَفَنِي جَمِيعُ أَصْحَابِهِ، وَقَالُوا: إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ ارْتِضَاءً وَاسْتِدْلَالًا، وَقَالَ الشَّيْخُ: الصَّوَابُ عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ بِلَا أَدَاءٍ لَمْ يَعْصِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) .
ش قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ يَجُوزُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَزْمُ عَلَى الْأَدَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَاصٍ إذَا لَمْ يَظُنَّ الْمَوْتَ أَيْ: لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمَوْتَ يَأْتِيهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ جَائِزٌ، وَلَا إثْمَ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ لَا يُقَالُ: شَرْطُ جَوَازِ التَّرْكِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ إذْ لَمْ يُمْكِنْ الْعِلْمُ بِهَا فَيُؤَدِّي إلَى التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا وَقْتُهُ الْعُمْرُ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ وَمَاتَ عَصَى وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ إلَى سَنَةٍ أُخْرَى لَيْسَ بِغَالِبٍ عَلَى الظَّنِّ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْحَجِّ إلَى سَنَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْمَالِكِيَّةِ.
(قُلْتُ:) وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ عَصَاهُ مَا أَخَّرَ عِنْدَهُ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَالشَّافِعِيُّ: الَّذِي لَمْ يَعْصَ الشَّابُّ لِكَوْنِهِ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ انْتَهَى.
وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِوَسَطِ الْوَقْتِ هُوَ مَا بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ لَا الْوَسَطُ الْحَقِيقِيُّ وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ وَأَخَّرَهُ فَإِنَّهُ يَعْصَى وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ فِي جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ بِالْفِعْلِ فَإِنْ أَخَّرَ الْفِعْلَ عَصَى وَسَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ، أَوْ عَاشَ وَفَعَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، نَعَمْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا لَمْ يَمُتْ بَعْدَ أَنْ يَضِيقَ عَلَيْهِ الْوَقْتَ لِظَنِّهِ فَأَوْقَعَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمُضَيَّقِ وَلَكِنَّ وَقْتَهَا بَاقٍ فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إنَّهَا أَدَاءٌ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ إنَّهَا قَضَاءٌ نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأَصْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّهَا عِبَادَةٌ وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا، وَإِنْ عَصَى هُوَ بِالتَّأْخِيرِ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَعْصَى بِالتَّأْخِيرِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ فَالصَّلَاةُ أَدَاءٌ اتِّفَاقًا، وَلَا أَثَرَ لِلِاعْتِقَادِ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ حَتَّى يُقَالَ: صَارَ وَقْتًا بِحَسَبِ ظَنِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَضَاءً لِئَلَّا يَلْزَمَ مَنْ جَعَلَ ظَنَّ الْمُكَلَّفِ مُوجِبًا لِلْعِصْيَانِ بِالتَّأْخِيرِ أَنْ يَخْرُجَ مَا هُوَ وَقْتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَنْ كَوْنِهِ وَقْتًا وَلِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْقَضَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إطْلَاقُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ ثُمَّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخَّرَهُ عَنْ الْوَقْتِ الْمَظْنُونِ فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ وَالْآخَرُ أَخَّرَهُ عَنْ الْوَقْتِ الْمَظْنُونِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ.
(قُلْتُ:) وَيَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنَّهُ لَوْ اعْتَقَدَ اسْتِمْرَارَ الْوَقْتِ فَأَخَّرَ ثُمَّ فَعَلَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِي ظَنِّهِ فَإِذَا هُوَ بَعْدَ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ أَدَاءً بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ قَالَهُ الرَّهُونِيُّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْأَصْلِيِّ وَوَجْهُ قَوْلِ الْقَاضِي أَنَّ وَقْتَ الْعِبَادَةِ قَدْ تَضِيقُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ فَكَأَنَّهُ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا قَالَ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست