responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 380
بِمَكَّةَ حِينَ كَانَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ غُدُوًّا وَرَكْعَتَيْنِ عَشِيًّا فَلَمْ يَزَلْ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِينَ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ أَسْرَى اللَّهُ بِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ثُمَّ عَرَجَ بِهِ جِبْرِيلُ إلَى السَّمَاءِ» ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ: وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ قَالَ: فُرِضَتْ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَكَانَ الْفَرْضُ قَبْلَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ فَأَوَّلُ مَا صَلَّى جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرُ فَسُمِّيَتْ الْأُولَى، قَالَ غَيْرُ ابْنِ حَبِيبٍ: إنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ إنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَكَانَ الطُّهْرُ بِمَكَّةَ سُنَّةً قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ انْتَهَى.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ هَلْ وَقَعَا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَتَوَاتَرَتْ عَلَيْهِ ظَوَاهِرُ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ الْإِسْرَاءُ فِي لَيْلَةٍ وَالْمِعْرَاجُ فِي لَيْلَةٍ مُتَمَسِّكًا بِظَاهِرِ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ. وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَاءِ: الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبِالْمِعْرَاجِ: الْعُرُوجُ إلَى السَّمَاءِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْحِكْمَةُ فِي وُقُوعِ فَرْضِ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ لَمَّا قُدِّسَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حِينَ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَمُلِئَ بِالْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ وَمِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا الطَّهُورُ نَاسَبَ ذَلِكَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلِيَظْهَرَ شَرَفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى مِمَّنْ ائْتَمَّ بِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَلِيُنَاجِيَ رَبَّهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْأَوْقَاتِ حِكَايَةً عَنْ جِبْرِيلَ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ كَانَتْ مَشْرُوعَةً لِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ عَلَى هَذَا الْمِيقَاتِ إلَّا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ قَدْ شَارَكَهُمْ فِي بَعْضِهَا، وَلَكِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ الْمُوَسَّعَ الْمَحْدُودَ بِطَرَفَيْنِ مِثْلُ وَقْتِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ، أَيْ: صَلَاتُهُمْ كَانَتْ وَاسِعَةَ الْوَقْتِ ذَاتَ طَرَفَيْنِ انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ فَقِيلَ: إنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ بِهَا مِنْ لَفْظِهَا وَتَفْتَقِرُ فِي الْبَيَانِ إلَى غَيْرِهَا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهَا عَلَى صِفَةِ مَا أَوْجَبَتْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ: وَالْحَجُّ كُلُّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ لَيْسَ لَهُمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ بَيَانٌ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إنَّهَا عَامَّةٌ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهَا عَلَى ذَلِكَ وَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى عُمُومِهَا فِي كُلِّ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ مِنْ أَنْوَاعِ الدُّعَاءِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ خَصَّصَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الدُّعَاءِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَفْعَالٌ مَشْرُوعَةٌ مِنْ قِيَامٍ وَجُلُوسٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِرَاءَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

[فَصَلِّ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى]
(فَصْلٌ) وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِهَا وَالْحَثِّ عَلَى إقَامَتِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَمُرَاعَاةِ حُدُودِهَا الْبَاطِنَةِ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ. وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّعْظِيمِ، وَمُنَاجَاتُهُ - تَعَالَى - بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَتَعْمِيرُ الْقَلْبِ بِذِكْرِهِ، وَاسْتِعْمَالُ الْجَوَارِحِ فِي خِدْمَتِهِ.
وَالصَّلَاةُ عَلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ بِشُرُوطِهَا. وَفَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَهِيَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ. وَسُنَّةٌ وَهِيَ الْوِتْرُ وَالْعِيدَانِ وَكُسُوفُ الشَّمْسِ وَخُسُوفُ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالرُّكُوعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَسَجَدَتَا السَّهْوِ، وَكَذَلِكَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ فِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست