responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 264
ثُمَّ قِيلَ: إنَّ السِّوَاكَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَاكَ إذَا دَلَكَ وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَتْ الْإِبِلُ تَسَّاوَكُ أَيْ تَتَمَايَلُ هُزَالًا، وَالسِّوَاكُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ وَغَيْرُهَا عَنْهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَالْكَلَامُ فِي حُكْمِهِ، وَوَقْتِهِ، وَآلَتِهِ، وَكَيْفِيَّتِهِ. أَمَّا حُكْمُهُ فَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِدَلَالَةِ الْأَحَادِيثِ عَلَى مُثَابَرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِظْهَارِهِ وَالْأَمْرِ بِهِ انْتَهَى. كَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مُثَابَرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظَةُ عَلَيْهِ، وَالْمُثَابَرَةُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُوَاظَبَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْأَمْرِ بِهِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتَهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُجْمَعٌ عَلَى صِحَّةِ إسْنَادِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي الطَّهَارَةِ وَابْنُ مَاجَهْ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ النَّوَوِي: وَغَلِطَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ فَزَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخَرِّجْهُ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ هُوَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ» وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَحُكْمُهُ الرَّفْعُ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا وَفِي الْمُوَطَّإِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ» ذَكَرَهُ قَبْلَ أَبْوَابِ الْأَذَانِ. قَالَ الْبَاجِيّ: قَوْله «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ» عَلَى مَا عَلِمْتُمْ مِنْ إشْفَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمَّتِهِ وَرِفْقِهِ بِهِمْ وَحِرْصِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ عَنْهُمْ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ هُنَا أَمْرُ الْوُجُوبِ وَاللُّزُومِ دُونَ النَّدْبِ فَهُوَ نَدَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى السِّوَاكِ وَلَيْسَ فِي النَّدْبِ إلَيْهِ مَشَقَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِفَضِيلَتِهِ وَاسْتِدْعَاءٌ لِفِعْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ، وَقَالَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ قَوْلُهُ: «مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ» يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ امْتَنَعَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ فَهَذَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَثْبُتُ بِحَدِيثِ الْأَعْرَجِ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْأَمْرِ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ مُسْتَحَبٌّ فِيهِمَا وَأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ لِنَصِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَّا مَا ذُكِرَ عَنْ دَاوُد أَنَّهُ وَاجِبٌ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ» وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اسْتَاكُوا» وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَيُفَسِّرُ مَا احْتَجَّ بِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ ثُمَّ إنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ دَاوُد أَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِلصَّلَاةِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُوَ عِنْدَهُ وَاجِبٌ وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ.
وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ وَاجِبٌ وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَالَ: وَقَدْ أَنْكَرَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ نَقْلَ الْوُجُوبِ عَنْ دَاوُد وَقَالُوا: إنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَحَّ إيجَابُهُ عَنْ دَاوُد لَمْ يَضُرَّ مُخَالَفَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحُكْمُ عَنْهُ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَالسِّوَاكُ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَلَكِنَّهُ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا أَحَدُهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ بِتُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا، الثَّانِي عِنْدَ الْوُضُوءِ، الثَّالِثُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، الرَّابِعُ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ النَّوْمِ، الْخَامِسُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ، وَتَغَيُّرُهُ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ: مِنْهَا تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَمِنْهَا أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَمِنْهَا طُولُ السُّكُوتِ، وَمِنْهَا كَثْرَةُ الْكَلَامِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَأَمَّا وَقْتُهُ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ: يَسْتَاكُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَيَتَمَضْمَضُ بَعْدَهُ لِيُخْرِجَ الْمَاءُ مَا يَنْثُرُهُ السِّوَاكُ، وَلَا يَخْتَصُّ السِّوَاكُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست