responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 182
وَأَمَّا الْوُضُوءُ لِغَيْرِ الْفَرْضِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ كَحُكْمِ مَا يُفْعَلُ بِهِ مِنْ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ فَرْضٌ لِكُلِّ عِبَادَةٍ لَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا فَالْمَجِيءُ بِهَا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مَعْصِيَةٌ وَاسْتِخْفَافٌ بِالْعِبَادَةِ، فَيَلْزَمُ الْمَجِيءُ بِشُرُوطِهَا فَرْضًا، كَمَا أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا. قَالَ الْقَبَّابُ: وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ إلَّا الْقَوْلَ الثَّانِيَ، قَالَ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مَمْنُوعَةٌ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، وَالْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لِلنَّافِلَةِ لَيْسَ بِمَفْرُوضٍ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ فَعَادَ الْخِلَافُ إلَى عِبَادَةٍ، فَمَنْ لَاحَظَ كَوْنَ النَّافِلَةِ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَأْثَمْ وَكَذَلِكَ طُهْرُهَا قَالَ: إنَّهُ سُنَّةٌ وَمَنْ لَاحَظَ كَوْنَهُ إذَا تَلَبَّسَ بِهَا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ أَثِمَ قَالَ: إنَّهُ فَرْضٌ.
(قُلْتُ) وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى التَّفْسِيرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لِلْفَرْضِ فَمَنْ نَفَاهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ، وَمَنْ أَثْبَتَهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الثَّانِيَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَمَا حُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالطَّبَرِيِّ مِنْ تَجْوِيزِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ بَاطِلٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الْخَامِسَةُ) لِلْوُضُوءِ شُرُوطٌ، وَفُرُوضٌ، وَسُنَنٌ، وَفَضَائِلُ، وَمَكْرُوهَاتٌ، وَمُبْطِلَاتٌ، وَهِيَ نَوَاقِضُهُ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فَرَائِضَهُ، وَسُنَنَهُ، وَفَضَائِلَهُ، وَيَذْكُرُ نَوَاقِضَهُ فِي فَصْلٍ بَعْدَ هَذَا، وَلَمْ يَذْكُرْ شُرُوطَهُ، وَلَا مَكْرُوهَاتِهِ فَنَذْكُرُ الشُّرُوطَ هُنَا لِتَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَنَذْكُرُ الْمَكْرُوهَاتِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَنَقُولُ: شُرُوطُ الْوُضُوءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مِنْهَا: مَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ وَصِحَّتِهِ مَعًا، وَمِنْهَا: مَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ فَقَطْ، وَمِنْهَا: مَا هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ فَقَطْ.
فَالْأَوَّلُ خَمْسَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ بُلُوغُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَقْلُ، وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ، وَانْقِطَاعُ دَمِ النِّفَاسِ، وَوُجُودُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ.
وَالثَّانِي سِتَّةٌ: دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ، وَتَذَكُّرُ الْفَائِتَةِ، وَالْبُلُوغُ، وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِهِ، وَعَدَمُ السَّهْوِ وَالنَّوْمِ عَنْ الْعِبَادَةِ الْمَطْلُوبِ لَهَا الْوُضُوءُ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَثُبُوتُ حُكْمِ الْحَدَثِ الْمُوجِبِ لِذَلِكَ أَوْ الشَّكُّ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَالثَّالِثُ) هُوَ الْإِسْلَامُ فَقَطْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ، وَشُرُوطُ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَشُرُوطُ صِحَّتِهِ كَالْوُضُوءِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَأَمَّا فَرَائِضِ الْوُضُوءِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي عَدَدِهَا فَعَدَّهَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا سِتَّةً: الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالنِّيَّةُ، وَالْمُوَالَاةُ. وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْفَوْرِ وَجَعَلُوا الدَّلْكَ رَاجِعًا لِلْغُسْلِ، وَعَدَّهَا ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُمَا سَبْعَةً: السِّتَّةُ الْمَذْكُورَةُ، وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ. وَعَدَّهَا ابْن رُشْدٍ ثَمَانِيَةً: السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَالتَّرْتِيبُ. وَعَدَّهَا غَيْرُهُ ثَمَانِيَةً أَيْضًا لَكِنَّهُ جَعَلَ بَدَلَ التَّرْتِيبِ الْجَسَدَ الطَّاهِرَ، وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَلَى عَدِّ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ: وَأَمَّا النِّيَّةُ فَنَعْتُهَا بِالشَّرْطِيَّةِ أَظْهَرُ مِنْ نَعْتِهَا بِالْفَرْضِيَّةِ. وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الدَّلْكَ وَالْمُوَالَاةَ يَرْجِعَانِ إلَى صِفَةِ الْغُسْلِ، وَعَدَّهَا الْمُصَنِّفُ سَبْعَةً: الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ، وَالنِّيَّةُ وَالدَّلْكُ، وَالْمُوَالَاةُ. إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، وَلَمْ يَعُدَّ التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي، وَلَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يُعِدَّ الْجَسَدَ الطَّاهِرَ كَمَا عَدَّهُ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي ارْتَضَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَابْنُ عَرَفَةَ هُنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْمَحَلِّ قَبْلَ وُرُودِ الْمَاءِ لِغَسْلِ الْوُضُوءِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ وَبَعْضِ شُيُوخِهِ فِي انْغِمَاسِ الْجُنُبِ وَالْمَازِرِيِّ فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَسَمَاعِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِوُضُوئِهِ بِطَهُورٍ يَنْقُلُهُ لِأَعْضَائِهِ وَبِهَا مَاءٌ نَجِسٌ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا فِي مَاءٍ تَوَضَّأَ بِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست