responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 180
وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ)
ش أَيْ هَذَا فَصْلٌ أَذْكُرُ فِيهِ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ وَفَضَائِلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْقَضَى كَلَامُهُ عَلَى وَسَائِلِ الطَّهَارَةِ الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ، وَبَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ، وَبَيَانُ حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَكَيْفِيَّةِ إزَالَتِهَا وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ، وَنَوَاقِضُهُ، وَالْغُسْلُ، وَنَوَاقِضُهُ وَمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُمَا وَهُوَ التَّيَمُّمُ أَوْ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ مَسْحُ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْفُصُولُ الثَّلَاثَةُ وَسَائِلَ؛ لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَوَسِيلَةُ الشَّيْءِ مَا يُوصِلُ إلَيْهِ وَبَدَأَ مِنْ الْمَقَاصِدِ بِالْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا.
وَالْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَهِيَ الْأَمْرُ الَّذِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ، وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا: فَرْضٌ وَيُجْمَعُ عَلَى فُرُوضٍ، وَيُطْلَقُ الْفَرْضُ شَرْعًا عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ وَجَوَازُ الْإِتْيَانِ بِهَا كَوُضُوءِ النَّافِلَةِ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَيُشَارِكُهُ الْأَوَّلُ فِي أَنَّهُ يَأْثَمُ بِفِعْلِ الْعِبَادَةِ بِدُونِهِ، وَيَنْفَرِدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ مَعَ تَرْكِ الْعِبَادَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَيْهِ.
وَالْوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ، وَحُكِيَ عَنْ الْخَلِيلِ الْفَتْحُ فِيهِمَا وَعَنْ غَيْرِهِ الضَّمُّ فِيهِمَا وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ. حَكَى اللُّغَاتِ الثَّلَاثَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَضَاءَةِ بِالْمَدِّ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالْحُسْنُ، وَيُطْلَقُ الْوُضُوءُ فِي اللُّغَةِ عَلَى غَسْلِ عُضْوٍ فَمَا فَوْقَهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ «بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ غَسْلُ الْيَدِ وَمَحْمَلُهُ عِنْدَنَا مَا إذَا أَصَابَهَا أَذًى مِنْ عَرَقٍ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ وَيُصَحِّحُ الْبَصَرَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَذَكَرَهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: وَيُصَحِّحُ الْبَصَرَ. وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهُوَ غَسْلُ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. فَوَائِدُ: (الْأُولَى) اُخْتُلِفَ مَتَى فُرِضَتْ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ وَأَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ فَهَمَزَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَقِبِهِ فَتَوَضَّأَ وَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ: كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ سُنَّةً ثُمَّ فُرِضَتْ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ. نَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَتَمُّ فَلْيُنْظَرْ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ: جَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَمْ يُشَرَّعْ إلَّا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ رُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
(الثَّانِيَةُ) ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ فِي غَزْوَةِ السَّوِيقِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا مَا نَصُّهُ فِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ بَقَايَا دِينِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا بَقِيَ فِيهِمْ الْحَجُّ وَالنِّكَاحُ، وَلِذَلِكَ سَمَّوْهَا جَنَابَةً، وَقَالُوا: رَجُلٌ جُنُبٌ لِمُجَانَبَتِهِمْ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَلِذَلِكَ عَرَفُوا مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي الْقُرْآنِ أَعْنِي قَوْلَهُ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَلَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَفْسِيرِهِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ: مَنْ كَانَ مُحْدِثًا فَلْيَتَوَضَّأْ، بَلْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ فَبَيَّنَ الْوُضُوءَ وَأَعْضَاءَهُ وَكَيْفِيَّتَهُ وَسَبَبَهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ انْتَهَى.
(الثَّالِثَةُ) قَالَ فِي الْإِكْمَالِ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ مِمَّا اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ» يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ وَغَيْرُهُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَعَارَضَهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَالْأُمَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ لَا بِالْوُضُوءِ (وَأُجِيبَ) بِأَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَوْ أَنَّهُ اخْتَصَّتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ دُونَ أُمَمِهَا إلَّا أُمَّةَ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست