responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 17
أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الْعِبَادِ وَجَمِيعُ النِّعَمِ الْوَاصِلَةِ إلَيْهِمْ الَّتِي أَعْظَمُهَا الْهِدَايَةُ لِلْإِسْلَامِ، إنَّمَا هِيَ بِبَرَكَتِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] وَعَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَيُبْدَأُ بِهِ وَبِالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَالْخَلِيلِيُّ وَالرَّهَاوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ قَالَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ فِي فَوَائِدِ ابْنِ مَنْدَهْ بِلَفْظِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْتَدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ أَكْتَعُ» انْتَهَى.
(قُلْتُ) وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَاغْتِنَامًا لِلثَّوَابِ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ» ذَكَرَهُ فِي الشِّفَاءِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْإِحْيَاءِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الثَّوَابِ وَالْمُسْتَغْفِرِي فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوق: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كُتُبُ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَظْهَرُ أَوْ قِرَاءَةُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَهُوَ أَوْسَعُ وَأَرْجَى انْتَهَى وَسَمِعْت بَعْضَ مَشَايِخِي يَذْكُرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ التَّلَفُّظُ بِالصَّلَاةِ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ بَلْ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَكَلَامُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ قَالَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْخَزْرَجِيِّ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَلْيُحَافِظْ الطَّالِبُ عَلَى كِتَابَةِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا كَتَبَهُ بِدُونِ رَمْزٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الْكَسَالَى وَلَا يَسْأَمُ مِنْ تَكْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ ثَابِتًا فِي الْأَصْلِ أَمْ لَا، وَمَنْ أَغْفَلَ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ حُرِمَ أَجْرًا عَظِيمًا وَيُرْوَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ» وَيُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا مَعَ ذَلِكَ انْتَهَى.
فَظَاهِرُهُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ كِتَابَتِهَا وَأَنَّ التَّلَفُّظَ بِهَا أَمْرٌ آخَرُ مُسْتَحَبٌّ.

قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالصَّلَاةُ اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ بَلْ يُقَالُ: صَلَّيْت صَلَاةً، وَلَا يُقَالُ: تَصْلِيَةً كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَصْدَرِهِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَصْلُ الصَّلَاةِ التَّرَحُّمُ فَهِيَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ رِقَّةٌ وَاسْتِدْعَاءٌ لِلرَّحْمَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقُشَيْرِيُّ الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ لِمَنْ دُونَ النَّبِيِّ رَحْمَةٌ وَلِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْرِيفٌ وَزِيَادَةُ تَكْرِمَةٍ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلَاةُ اللَّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الِاعْتِنَاءُ بِشَأْنِ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِرَادَةُ الْخَيْرِ لَهُ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ الْغَزَالِيُّ وَصَلَاةُ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بِهَا الدُّعَاءُ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ خَصَّ الْأَنْبِيَاءَ بِذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهُمْ فَعَلَى قَوْلِ الْمُبَرِّدِ تَكُونُ الصَّلَاةُ مُرَادِفَةً لِلرَّحْمَةِ وَقَدْ بَحَثَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّرَادُفَ يَقْتَضِي جَوَازَ الدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ بِلَفْظِ الرَّحْمَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّشَهُّدِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُرَادَ الْمُبَرِّدِ بَيَانُ أَصْلِ مَعْنَى الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَّتْ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الرَّحْمَةِ، كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ تَفْسِيرُ الْقُشَيْرِيِّ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالتَّعْظِيمِ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ وَالسَّلَامُ التَّحِيَّةُ وَفِي مَعْنَى السَّلَامِ عَلَيْهِ أَوْجُهٌ إمَّا بِمَعْنَى السَّلَامَةِ لَك وَمَعَك أَوْ السَّلَامُ مَئُولٌ لَك فَيَكُونُ اسْمًا لَهُ تَعَالَى أَوْ بِمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ وَالصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهَا الدُّعَاءُ وَالطَّلَبُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَهَلْ يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى اسْتِحْضَارِ نِيَّةِ الطَّلَبِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَةِ الْخَبَرِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ كَالْمَنْقُولِ فِي الْعُرْفِ لَمْ يُحْتَجْ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.
(فَائِدَةٌ) حَذَّرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ التَّصْلِيَةِ بَدَلَ الصَّلَاةِ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست