responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 134
وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ لَا يُرِيدُ بِهِ خُصُوصِيَّةَ الثَّوْبِ بَلْ الْمُرَادُ كُلُّ مَا هُوَ حَامِلٌ لَهُ مِنْ خُفٍّ وَسَيْفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ مُصَلٍّ أَيْ مَرِيدُ الصَّلَاةِ وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ تَجَنُّبَ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ قَصْدِ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ، أَوْ بِفِعْلٍ تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: وَأَمَّا تَجَنُّبُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَمُسْتَحَبٌّ وَيُكْرَهُ مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُعْرَقُ فِيهِ، وَقِيلَ: إنَّ تَجَنُّبَهَا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُنَجِّسَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَرُّوق - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَقَالَ: حَتَّى لَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ فِي الصَّغَائِرِ.
(قُلْتُ:) وَجَعَلَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ فِي شَرْحِهِ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ، فَقَالَ: أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مُصَلٍّ الصَّغِيرَ وَالْحَائِضَ وَالْجُنُبَ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِزَالَةُ إلَّا عِنْدَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ، أَوْ فِعْلِهَا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَعِنْدَ الطُّهْرِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: إنَّهَا فَرْضٌ إسْلَامِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: يَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ فَرْضٌ إسْلَامِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ انْتَهَى.
(قُلْتُ:) وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي: يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهَا فَهِيَ مِنْ السَّرَائِرِ الَّتِي تُبْلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» وَيَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي مَعَ هَذَا تَنْظِيفُ ثَوْبِهِ وَأَنْ يُعِدَّ مَنْ وَجَدَ لِلْخَلَاءِ ثَوْبًا يَنْفِي بِهِ الشَّكَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ جَازَ أَنْ يَأْتِيَ الْخَلَاءَ وَيُجَامِعَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ انْتَهَى.
(قُلْتُ:) فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ إعْدَادِ ثَوْبِ الْخَلَاءِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
وَنَكَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ مُصَلٍّ لِيَشْمَلَ الْمُفْتَرِضَ وَالْمُتَنَفِّلَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ صَلَاةَ النَّافِلَةِ بِنَجَاسَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَطَرَأَتْ عَلَيْهَا النَّجَاسَةُ عَنْ قَصْدٍ مِنْهُ فَأَشْبَهَ مَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مُحْدِثًا مُتَعَمِّدًا قَالَهُ سَنَدٌ.
(قُلْتُ:) ، وَقَدْ عَدَّ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ رِدَّةً الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا يُقَالُ إنَّ النَّافِلَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَكَيْفَ يَجِبُ لَهَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ شَرْحِ الْخُطْبَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ مَعْنَيَانِ مَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ وَهَذَا مِنْهُ وَمِثْلُ الْوُضُوءِ لِلنَّافِلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَلَوْ تَعَدَّدَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُ بِهِ النَّجَاسَةَ مِنْ مَحَلٍّ دُونَ مَحَلٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ مَطْلُوبٌ بِخِلَافِ غَسْلِ بَعْضِ مَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنَّ غَسْلَهُ يَزِيدُهُ انْتِشَارًا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْإِمَامِ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُرْضِعِ وَلْتَدْرَأْ الْبَوْلَ جُهْدَهَا وَقَالَهُ سَنَدٌ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ يَعْنِي أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ تُطْلَبُ مِنْ ثَوْبِ الْمُصَلِّي وَعَنْ كُلِّ مَا هُوَ حَامِلٌ لَهُ.
وَلَوْ كَانَ طَرَفُ ذَلِكَ الثَّوْبِ، أَوْ الْعِمَامَةِ، أَوْ نَحْوَهُ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُعَدُّ حَامِلًا لِذَلِكَ فِي الْعُرْفِ وَلِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِ الْمُصَلِّي، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ بِلَوْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي طَرَفِ عِمَامَتِهِ سَوَاءٌ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي أَنَّهَا إنْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ اُعْتُبِرَتْ اتِّفَاقًا فَإِنَّهُ قَالَ: وَنَجَاسَةُ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مُعْتَبَرَةٌ، وَقِيلَ: إنْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ عَاتٍ، فَقَالَ: إنْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ اُعْتُبِرَتْ اتِّفَاقًا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَلَامُ ابْنِ نَاجِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ جَعَلَهَا كَالْحَصِيرِ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهَا وَيَخْتَلِفُ التَّرْجِيحُ فَالْأَرْجَحُ فِي الْعِمَامَةِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ حَامِلًا لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَرْجَحُ فِي

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست