responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 109
كَثِيرًا كَالزِّيرِ وَالْجُبِّ وَسَوَاءٌ حَصَلَ فِيهِ تَغَيُّرٌ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَنَّ الْمَاءَ لَهُ قُوَّةُ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الطَّعَامُ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَهُوَ فِي غَايَةِ الشُّذُوذِ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ نَجَاسَةِ الطَّعَامِ الْكَثِيرِ بِالنَّجَسِ الْقَلِيلِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَوَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ نَجَاسَةِ الطَّعَامِ الْكَثِيرِ الْمَائِعِ بِقَلِيلِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ تَقَعُ فِيهِ الْقَطْرَةُ مِنْ الْبَوْلِ أَوْ الْخَمْرِ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُنَجِّسُهُ وَالطَّعَامُ وَالْوَدَكُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَفَهِمَهَا الْبَاجِيّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ لِلْمَشْهُورِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ وَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الرِّوَايَةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ الطَّعَامِ وَالْوَدَكِ لَا تُؤَثِّر فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ قَالَ: وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا أَيْ يَكُونَ الْمَاءُ قَلِيلًا يَتَغَيَّرُ بَعْضُ أَوْصَافِهِ فَيَنْجُسُ بِالنَّجَاسَةِ وَيَنْضَافُ بِالطَّعَامِ قَائِلًا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ يَسِيرَ النَّجَاسَةِ لَا يُنَجِّسُ الطَّعَامَ إلَّا دَاوُد.
وَمَنْ شَذَّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَ الْأُصُولَ قَالَ وَقَدْ سُئِلَ عُلَمَاءُ الْبِيرَةِ عَنْ فَأْرَةٍ طُحِنَتْ مَعَ قَمْحٍ فِي رَحَا الْمَاءِ فَقَالَ يُغَرْبَلُ الدَّقِيقُ وَيُؤْكَلُ فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَمْرٍ فَقَالَ عَلَيْهِمْ بِحِرْزِ الْعُجُولِ لَا يُؤْكَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا غَلَّطَ عُلَمَاءُ الْبِيرَةِ مَنْ حَمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَالْعَجَبُ مِنْ الْقَرَافِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ اقْتَصَرَ فِي ذَخِيرَتِهِ عَلَى رِوَايَةِ الْعُتْبِيَّةِ هَذِهِ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهَا، وَقَدْ اسْتَبْعَدَ الْبِسَاطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَأْوِيلَ ابْنِ رُشْدٍ لِلرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالظَّاهِرُ حَمْلُهَا عَلَى الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ التَّخْفِيف فِيمَا اخْتَلَفَ فِي نَجَاسَته]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ الدَّوَابِّ تَدْرُسُ الزَّرْعَ فَتَبُولُ فِيهِ فَخَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا يُعْفَى عَنْ بَوْلِ فَرَسِ الْغَازِي بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنَّمَا خُفِّفَ ذَلِكَ مَعَ الضَّرُورَةِ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ فِي نَجَاسَتِهَا، وَأَمَّا مَا لَا اخْتِلَافَ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا يُخَفَّفُ مَعَ الضَّرُورَةِ وَعَدَّهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ.

[فَرْعٌ وَقَوْع الْقَمْلَةُ فِي الدَّقِيقِ أَوْ غَيْر ذَلِكَ]
(فَرْعٌ) ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ الْكِنْدِيِّ مِنْ أَصْحَابِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا وَقَعَتْ الْقَمْلَةُ فِي الدَّقِيقِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْغِرْبَالِ لَمْ يُؤْكَلْ الْخُبْزُ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي شَيْءٍ جَامِدٍ طُرِحَتْ كَالْفَأْرَةِ وَقَالَهُ غَيْرُهُ فِي الْبُرْغُوثِ أَيْضًا وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَلْ يَنْجُسَانِ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا الْفَرْقُ إذَا كَثُرَ الْعَجِينُ؛ لِأَنَّ الْقَمْلَةَ لَا تَنْمَاعُ فِي جُمْلَةِ الْعَجِينِ فَتُنَجِّسَهُ وَإِنَّمَا تَخْتَصُّ بِمَوْضِعِهَا مِنْهُ فَإِنَّمَا تُحَرِّمُ الْقَمْلَةُ اللُّقْمَةَ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَلَمَّا لَمْ تُعْرَفْ بِعَيْنِهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَحْرُمَ الْيَسِيرُ مِنْهُ إذَا كَثُرَ كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ أُخْتًا بِبَلْدَةٍ مِنْ الْبِلَادِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا لَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَاءِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ بِخِلَافِ اخْتِلَاطِهَا بِالْعَدَدِ الْيَسِيرِ فَإِذَا خَفَّفْنَا تَنَاوُلَ شَيْءٍ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْقَمْلَةُ فِيمَا بَقِيَ خَفَّفْنَا تَنَاوُلَ الْبَقِيَّةِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْقَمْلَةِ فِيمَا تَنَاوَلَهُ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَرَوْثِ الْفَأْرَةِ فَيُعْفَى عَنْهُ وَمَا لَا يَعْسُرُ كَبَوْلِ ابْنِ آدَمَ فَيُنَجِّسُ لِمَا بَعْدُ انْتَهَى. وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَكْلِ طَعَامٍ طُبِخَ فِيهِ رَوْثُ الْفَأْرَةِ وَفِي السُّؤَالِ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ وَرَوْثُهَا غَالِبٌ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فَفَتْوَاهُ إمَّا لِلضَّرُورَةِ كَمَسْأَلَةِ سَحْنُونٍ فِي الزَّرْعِ، أَوْ لِلْخِلَافِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي بَوْلِهَا وَفِي الطَّعَامِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ.

[فَرْعٌ وُقُوع النَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ فِي الطَّعَامِ]
. (فَرْعٌ) إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الطَّعَامِ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ كَالدَّمِ الْقَلِيلِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ هَلْ يُعْفَى عَنْهَا فِي الطَّعَامِ، أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْعَفْوِ كَمَا سَيَأْتِي وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَدُونَ دِرْهَمٍ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ اُخْتُلِفَ فِي الدَّمِ الْيَسِيرِ هَلْ يُغْتَفَرُ مُطْلَقًا عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوهِ حَتَّى يَصِيرَ كَالْمَائِعِ الطَّاهِرِ وَاغْتِفَارٌ مَقْصُورٌ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَقْطَعُ لِأَجَلِهِ إذَا ذَكَرَهُ وَلَا يُعِيدُ، وَأَمَّا قَبْلُ فَيُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ قَالَ: الْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهُوَ

اسم الکتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل المؤلف : الرعيني، الحطاب    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست