responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 77
يَقْتَضِي حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ ابْتِدَاءً بَلْ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ الِاغْتِسَالُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ مَالِكًا عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ عَلَى مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَهُ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ وَسَخٍ وَعَرَقٍ فِي جِسْمِهِ غَالِبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيهِ ابْتِدَاءً وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ تَكُنْ أَعْضَاؤُهُ نَقِيَّةً مِنْ الْأَوْسَاخِ وَالْأَذَى أَمَّا مَنْ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ نَقِيَّةً مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا كَالْبِرَكِ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ حِينَئِذٍ.

(ص) وَسُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا دَخَلَ يَدُهُ فِيهِ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُكْرَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ سُؤْرُ أَيْ بَقِيَّةُ شُرْبِ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَكَذَلِكَ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ لِأَنَّ قُصَارَاهُ أَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ بَلْ النَّجَاسَةُ فِيهِ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَمِثْلُ الْيَدِ غَيْرُهَا كَالرِّجْلِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ طَهَارَةُ الْيَدِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَةُ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(ص) وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ لَا إنْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا (ش) مَا مِنْ قَوْلِهِ مَا لَا يُتَوَقَّى إلَخْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عُطِفَ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ شَارِبِ خَمْرٍ أَيْ وَكُرِهَ سُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ وَسُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ مِنْ الْمَاءِ كَالطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَمَّا مَنْ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ نَقِيَّةً إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يُنَجِّسُهُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَرْكُهُ، فَإِنْ كَانَ مِلْكَهُ لَمْ يَجِبْ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا) وَمِثْلُ الْمُسْتَبْحَرِ جِدًّا مَالَهُ مَادَّةٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ فَالْمُسْتَبْحَرُ جِدًّا وَالْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءُ لَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْبِئْرُ الْقَلِيلَةُ الْمَاءُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَلِيلَةِ هُنَا كَوْنَ مَائِهَا قَدْرَ آنِيَةِ الْغُسْلِ بَلْ كَوْنُ مَائِهَا لَيْسَ فِيهِ كَثْرَةٌ تُصَيِّرُهُ كَالْمُسْتَبْحَرِ وَكَذَلِكَ مَحَلُّ كَرَاهَةِ الْقَلِيلِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ لَهُ جَازَ هَذَا تَقْرِيرُهُ عَلَى مَا بَيَّنُوا ثُمَّ نَقُولُ بَقِيَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَيْ وَلَمْ يُسْتَبْحَرْ وَمِثْلُ الْمُسْتَبْحَرِ مَا لَهُ مَادَّةٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ أَذًى أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ عِنْدَهُ تَعَبُّدِيٌّ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا مُطْلَقًا أَوْ يَسِيرًا وَغَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى غَيْرِ الطَّاهِرِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ كَانَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى لَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ وَإِلَّا فَيَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغْتَسَلُ فِيهِ فَلَيْسَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَالَةُ كَرَاهَةٍ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّلْفِيقُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَعَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا عَلَّلَهُ إلَخْ.
قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ وَقَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى كَلَامِ مَالِكٍ وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ تُفِيدُ الْمُرَادَ وَنَصُّهُ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى خُرُوجِهِ أَيْ الْمُسْتَبْحَرِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَاخْتَلَفَا فِيهِ فَكَرِهَ مَالِكٌ الِاغْتِسَالَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَمْ لَا وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَوْ لَمْ يَغْسِلْهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالْغُسْلِ فِيهِ دُونَ الْوُضُوءِ فِيهِ وَيُعْطَى بِظَاهِرِهِ أَنَّ التَّنَاوُلَ مِنْهُ لِلتَّطْهِيرِ خَارِجًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى. وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْجُنُبَ الَّذِي بِجَسَدِهِ مِنْ الْأَذَى مَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا بِتَقْدِيرِ اغْتِسَالِهِ فِي الرَّاكِدِ لَا يَجُوزُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ حَيْثُ بَقِيَ الْأَذَى بِجَسَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَسْلُبُ عَنْهُ الطَّاهِرِيَّةَ أَيْضًا أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ جَسَدُهُ حَالَ اغْتِسَالِهِ فِي الرَّاكِدَةِ نَقِيًّا أَوْ كَانَ الْأَذَى مِمَّا لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَمْ لَا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عِنْدَهُ تَعَبُّدِيٌّ وَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا مُطْلَقًا أَوْ يَسِيرًا وَغَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى غَيْرِ الطَّاهِرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى غَيْرَ طَاهِرٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَاكِدٍ إلَخْ.
لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ حَالَةٌ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ عِنْدَهُ فِي الرَّاكِدِ إمَّا جَائِزٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ بِكَرَاهَةِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ جَسَدُ الْمُغْتَسِلِ نَقِيًّا مِنْ الْأَذَى أَوْ بِهِ أَذًى وَلَكِنْ لَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ غَسْلِ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى هُوَ قَدْرُ آنِيَةِ الْغَسْلِ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ الَّذِي يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا وَمِثْلُ الْمُسْتَبْحَرِ جِدًّا مَالَهُ مَادَّةٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ.

(قَوْلُهُ وَسُؤْرِ شَارِبِ خَمْرٍ) أَيْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ أَيْ كَثِيرٌ شُرْبُهُ وَشَكَّ فِيهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ وَكَانَ الْمَاءُ يَسِيرًا فَلَا كَرَاهَةَ فِي سُؤْرِ شَارِبِهِ مَرَّةً وَنَحْوَهُ وَلَا فِيمَنْ تَحَقَّقَ طَهَارَةَ فِيهِ وَلَا مَعَ فَقْدِ غَيْرِهِ وَلَا إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَالْمُرَادُ بِالْخَمْرِ مَا يَشْمَلُ النَّبِيذَ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ هُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهِ فَنَبِيذٌ وَكَذَا بَائِعُهُ وَسَائِرُ مَنْ يَتَعَاطَى النَّجَاسَاتِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ طَهَارَةُ الْيَدِ) أَيْ أَوْ الْفَمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ بَلْ الظَّنُّ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ كَالتَّحَقُّقِ.
(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ تَوَضَّأَ شَخْصٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّؤْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ فَقَطْ لِمَا يُسْتَقْبَلُ.

(قَوْلُهُ وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ) أَيْ وَلَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَةُ فَمِهِ وَلَا طَهَارَتُهُ قَالَ فِي ك وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا أَيْ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ حَذَرًا مِنْ التَّكْرَارِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ سُؤْرِ شَارِبِ خَمْرٍ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ بَعْدَ وَحَذْفُ سُؤْرٍ مِنْ هُنَا فَإِنَّ قَوْلَهُ وَحَذْفُ سُؤْرٍ مِنْ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ

اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست