responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 586
بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ) بِمَعْنَى وَيُبَاحُ (أَنْ يُسْتَصْبَحَ بِالزَّيْتِ الْمُنَجِّسِ وَشِبْهِهِ) كَالْوَدَكِ وَالسَّمْنِ (فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ) كَالْبُيُوتِ وَالْحَوَانِيتِ (وَ) أَمَّا الْمَسَاجِدُ فَ (لْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ) لِأَنَّهُ نَجِسٌ فَلَا يُسْتَصْبَحُ بِهِ فِيهَا لِتَنْزِيهِهَا عَنْ النَّجَاسَاتِ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ ذَائِبٍ فَقَالَ: (وَإِنْ كَانَ) مَا ذُكِرَ مِنْ السَّمْنِ عُطِفَ عَلَيْهِ (جَامِدًا طُرِحَتْ) الْفَأْرَةُ الَّتِي مَاتَتْ فِيهِ هِيَ (وَمَا حَوْلَهَا وَأُكِلَ مَا بَقِيَ) وَلَهُ بَيْعُهُ وَلَا تَحْدِيدَ فِيمَا يُطْرَحُ مِنْهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ (قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسُوسُ الْفُولِ وَالطَّعَامِ وَفِرَاخُ النَّحْلِ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَانْتَصَرَ لَهُ وَقَوَّاهُ.

[قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ] وَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ حَيْثُ كَانَ الدُّخَانُ يَخْرُجُ عَنْهَا [قَوْلُهُ: كَالْبُيُوتِ إلَخْ] أَيْ وَكَالْأَزِقَّةِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ فَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ] أَيْ وُجُوبًا وَكَذَا لَا يُبْنَى بِمُونَةٍ عُجِنَتْ بِزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَا بِطُوبٍ مُتَنَجِّسٍ، وَلَا يُسْقَفُ بِخَشَبٍ مُتَنَجِّسٍ، فَإِنْ وَقَعَ وَبُنِيَ بِطِينٍ أَوْ مُونَةٍ مُتَنَجِّسَةٍ فَلَا يُهْدَمُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ تَلْبِيسُ الْأَشْيَاءِ الْمُتَنَجِّسَةِ بِطَاهِرٍ، وَكَمَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَابُونًا وَتُغْسَلُ بِهِ الثِّيَابُ وَتُغْسَلُ بَعْدَهُ بِمُطْلَقِ. [قَوْلِهِ: وَلَهُ بَيْعُهُ] أَيْ إلَّا أَنَّهُ يُبَيِّنُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَكْرَهُهُ [قَوْلُهُ: عَلَى حَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ] أَيْ بِقَدْرِ شَيْءٍ يَزِيدُ عَلَى الظَّنِّ أَيْ يَزِيدُ إدْرَاكُ كَوْنِ النَّجَاسَةِ سَرَتْ فِيهِ عَلَى الظَّنِّ، أَيْ أَصْلُ الظَّنِّ أَيْ أَنَّهُ لَا يُطْرَحُ إلَّا الَّذِي ظُنَّ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّ النَّجَاسَةَ سَرَتْ فِيهِ، فَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يُطْرَحُ مَا وُجِدَ فِيهِ أَصْلُ الظَّنِّ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ سَرَتْ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُطْرَحُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: سَحْنُونٌ] وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ سُمِّيَ سَحْنُونٌ بِاسْمِ طَائِرٍ حَدِيدِ الْبَصَرِ لِحِدَّتِهِ فِي الْمَسَائِلِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: كُنْت عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَابَاتُ مَالِكٍ تَرِدُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: فَمَا مَنَعَك مِنْ السَّمَاعِ مِنْهُ؟ قَالَ: قِلَّةُ الدَّرَاهِمِ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: لَحَى اللَّهُ الْفَقْرَ فَلَوْلَاهُ لَأَدْرَكَتْ مَالِكًا فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَلَهُ رِحْلَتَانِ وَسَمِعَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَمَعْنِ بْنِ عِيسَى وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: كَانَ سَحْنُونٌ ثِقَةً حَافِظًا لِلْعِلْمِ فَقِيهَ الْبَدَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ خِلَالٌ قَلَّمَا اجْتَمَعَتْ فِي غَيْرِهِ، الْفِقْهُ الْبَارِعُ وَالْوَرَعُ الصَّادِقُ وَالصَّرَامَةُ فِي الْحَقِّ وَالزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا وَالتَّخَشُّنُ فِي الْمَلْبَسِ وَالْمَطْعَمِ وَالسَّمَاحَةُ، وَكَانَ لَا يَقْبَلُ مِنْ السُّلْطَانِ شَيْئًا وَرُبَّمَا وَصَلَ أَصْحَابَهُ بِالثَّلَاثِينَ دِينَارًا وَنَحْوِهَا، وَكَانَ مَعَ هَذَا رَقِيقَ الْقَلْبِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ ظَاهِرَ الْخُشُوعِ مُتَوَاضِعًا قَلِيلَ التَّصَنُّعِ كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ حَسَنَ الْأَدَبِ سَالِمَ الصَّدْرِ شَدِيدًا عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. حِكَمٌ مِنْ كَلَامِهِ: قَالَ سَحْنُونٌ لِابْنِهِ مُحَمَّدٍ: يَا بُنَيَّ سَلِّمْ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَزْرَعُ الْمَوَدَّةَ، وَسَلِّمْ عَلَى عَدُوِّك وَدَارِهِ فَإِنَّ رَأْسَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ. وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ الْعِلْمُ بَلْ يَضُرُّهُ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ نُورٌ يَضَعُهُ اللَّهُ فِي الْقُلُوبِ فَإِذَا عَمِلَ بِهِ نَوَّرَ قَلْبَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَأَحَبَّ الدُّنْيَا أَعْمَى حُبُّ الدُّنْيَا قَلْبَهُ وَلَمْ يُنَوِّرْهُ الْعِلْمُ. وَكَانَ يَقُولُ: تَرْكُ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَرْكُ الْحَلَالِ لِلَّهِ أَفْضَلُ مِنْ أَخْذِهِ وَإِنْفَاقِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ.
وَقَالَ: تَرْكُ دَانِقٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ حَجَّةٍ يَتْبَعُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ، وَأَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِزَادِهَا وَسِلَاحِهَا، وَمِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ فَبَلَغَ كَلَامُهُ هَذَا عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ خَالِدٍ فَقَالَ: نَعَمْ وَأَفْضَلُ مِنْ مِلْءِ الدُّنْيَا إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ ذَهَبًا وَفِضَّةً كُسِبَتْ وَأُنْفِقَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُرَادُ بِهَا إلَّا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا مَا ذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ. فِي شَأْنِ سَحْنُونَ بْنِ سَعِيدٍ: الْإِمَامِ الْمَشْهُورِ وَالْعَلَمِ الْمَنْشُورِ لَهُ الْكَلَامُ الرَّائِقُ وَالْعَجَائِبُ وَالْخَوَارِقُ، فَمِنْهُ مَا قَالَ الْعِلْمُ حُجَّةٌ عَلَى عِبَادِهِ وَالْعُلَمَاءُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَخَيْرُ النَّاسِ عُلَمَاؤُهُمْ، وَمِنْ كَرَامَاتِهِ مَا حَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ قَالَ: رَكِبْت الْبَحْرَ مَعَ سَحْنُونَ فَهَاجَ وَخِفْت مِنْهُ فَنِمْت فَرَأَيْت الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 586
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست