responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 58
صِفَةٌ قَدِيمَةٌ لَا تُفَارِقُ الذَّاتَ، أُجِيبُ: بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ فِي أَمَاكِنِهَا وَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ قَوْله تَعَالَى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] . الْآيَةَ أَيْ عِلْمُهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْأَمْكِنَةِ.

(وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى (خَلَقَ الْإِنْسَانَ) أَيْ أَوْجَدَ جِنْسَهُ الصَّادِقَ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّهُ تَعَالَى (يَعْلَمُ مَا) أَيْ الَّذِي (تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) أَيْ الْإِنْسَانُ وَوَسْوَسَةُ نَفْسِهِ مَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ، وَنِسْبَةُ الْوَسْوَسَةِ لِلنَّفْسِ مَجَازٌ كَنِسْبَةِ الْإِنْسَاءِ لِلشَّيْطَانِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63] إذْ لَا قُدْرَةَ لِلشَّيْطَانِ عَلَى إيجَادِ شَيْءٍ وَلَا إعْدَامِهِ (وَهُوَ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (أَقْرَبُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِنْسَانِ (مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ هُنَا قُرْبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَدِّدَةٍ مُلَابِسٌ لِعِلْمِهِ، نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْهُ تَعَدُّدُ ذَاتِهِ وَعِلْمِهِ وَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ التَّجْزِئَةِ وَالْمُفَارَقَةِ [قَوْلُهُ: أَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ إلَخْ] الْمُرَادُ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ فِي مَكَانِهَا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا كَائِنَةً فِي مَكَانِهَا أَيْ فَهِيَ مَكْشُوفَةٌ لَهُ غَيْرُ خَافِيَةٍ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا حَلَّ فِي كُلِّ مَكَان بِعِلْمِهِ، أَيْ بِوَصْفٍ زَائِدٍ عَلَى ذَاتِهِ لَا بِذَاتِهِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ.
[قَوْلُهُ: وَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ إلَخْ] أَيْ فَقَدْ بَيَّنَ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُصَاحَبَةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ، وَمَا بَعْدَهَا مُصَاحَبَةُ عِلْمٍ لَا مُصَاحَبَةُ ذَاتٍ فَافْهَمْ.
[قَوْلُهُ: أَيْ عِلْمُهُ مُحِيطٌ إلَخْ] هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ وَقَوْلُهُ بِجَمِيعِ الْأَمْكِنَةِ أَيْ الْأَمْكِنَةِ مَعَ مَا فِيهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ: بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ فِي مَكَانِهَا.

[قَوْلُهُ: خَلَقَ الْإِنْسَانَ] أَيْ وَغَيْرَهُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْإِنْسَانَ بِالذِّكْرِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَيَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.
[قَوْلُهُ: أَوْجَدَ جِنْسَهُ] أَيْ أَوْجَدَ جِنْسًا هُوَ الْإِنْسَانُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَالْمُرَادُ أَوْجَدَ الْجِنْسَ فِي ضِمْنِ أَفْرَادِهِ مَعَ أَفْرَادِهِ، لَا الْجِنْسَ وَحْدَهُ.
[قَوْلُهُ: الصَّادِقَ بِالذَّكَرِ] الصِّدْقُ فِي الْمُفْرَدَاتِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ، وَفِي الْجُمَلِ بِمَعْنَى التَّحَقُّقِ وَالْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالذَّكَرِ، بِمَعْنَى عَلَى أَيْ الصَّادِقِ عَلَى الذَّكَرِ إلَخْ: أَيْ الْمَحْمُولِ وَلَوْ جَعَلَ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَأَمَّلْ.
[قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي إلَخْ] جُعِلَ " مَا " اسْمٌ مَوْصُولٌ وَعَلَيْهِ فَالْهَاءُ مَنْ بِهِ هِيَ الْعَائِدُ وَتُوَسْوِسُ بِمَعْنَى تُحَدِّثُ بِهِ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ.
[قَوْلُهُ: مَا يَخْطُرُ إلَخْ] كَذَا فِي بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ، [قَوْلُهُ: بِبَالِهِ] أَيْ بِقَلْبِهِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْبَالُ الْقَلْبُ وَخَطَرَ بِبَالِي أَيْ بِقَلْبِي اهـ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخُطُورَ فِي النَّفْسِ، فَيَكُونُ مَجَازًا أَوْ أَرَادَ بِالْقَلْبِ الرُّوحَ فَيَكُونُ حَقِيقَةً كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَنِسْبَةُ إلَخْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ فِيهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ مِنْ إسْنَادِ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ، ثُمَّ أَقُولُ، وَفِي عِبَارَتِهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ الْوَسْوَسَةَ بِمَا قَدْ عَلِمْته، فَلَيْسَتْ حَدَثًا وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النِّسْبَةَ الَّتِي يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالْمَجَازِيَّةِ، إنَّمَا تُضَافُ لِلْحَدَثِ، كَأَنْ تَقُولَ فِي: بَنَى الْأَمِيرُ الْمَدِينَةَ نِسْبَةُ الْبِنَاءِ لِلْأَمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ.
فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَنِسْبَةُ الْوِسْوَاسِ بِالْكَسْرِ لِلنَّفْسِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: الْوِسْوَاسُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ وَرَجُلٌ مُوَسْوِسٌ اسْمُ فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالْوَسْوَسَةِ اهـ.
[قَوْلُهُ: مَجَازٌ] أَيْ عَقْلِيٌّ كَمَا قَرَّرْنَا أَوَّلًا، أَيْ وَالْفَاعِلُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الشَّخْصُ، كَذَا فِي كَلَامِ بَعْضٍ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهَا حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَتَحَدَّثُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ الْخَفِيِّ، فَالتَّحَدُّثُ قَائِمٌ بِهَا وَنِسْبَةُ الشَّيْءِ إلَى الْقَائِمِ بِهِ حَقِيقَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَالِقًا لَهُ كَقَامَ زَيْدٌ.
[قَوْلُهُ: كَنِسْبَةِ الْإِنْسَاءِ لِلشَّيْطَانِ] أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَالْحَقِيقِيُّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى: [قَوْلُهُ: وَمَا أَنْسَانِيهُ] أَيْ بِإِلْقَاءِ الْخَوَاطِرِ فِي الْقَلْبِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، فَإِسْنَادُ الْإِنْسَاءِ لِلشَّيْطَانِ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْخَوَاطِرِ فِي الْقَلْبِ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْإِنْسَاءُ، أَيْ إيجَادُ اللَّهِ النِّسْيَانَ.
[قَوْلُهُ: عَلَى إيجَادٍ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَادَ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ فَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا لَهَا بَلْ مَا مُتَعَلِّقُهَا إلَّا الْوُجُودُ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي الْإِعْدَامِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: أَقْرَبُ إلَيْهِ] أَيْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَارَكَ حَبْلَ الْوَرِيدِ فِي الْقُرْبِ لِلْإِنْسَانِ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَشَدُّ قُرْبًا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْقُرْبُ بِالْإِضَافَةِ فَبِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ قُرْبُ عِلْمٍ، وَبِالنِّسْبَةِ لِحَبْلِ الْوَرِيدِ قُرْبُ مَسَافَةٍ.
[قَوْلُهُ: الْمُرَادُ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست