responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 458
الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ لِمَشَقَّةِ التَّكْرَارِ.

(وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ) قِيلَ يَنْبَغِي فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْوُجُوبِ. وَقَوْلُهُ: (وَجَوَارِحَهُ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَجَوَارِحُهُ سَبْعَةٌ: السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَاللِّسَانُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْبَطْنُ وَالْفَرْجُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِاللِّسَانِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُهَا آفَةً، قِيلَ: مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا وَالْجَوَارِحُ تَشْكُو اللِّسَانَ نَاشَدْنَاك اللَّهَ إنْ اسْتَقَمْت اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ انْعَوَجْت انْعَوَجْنَا وَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَوَجَدَهُ يَجْذِبُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ: مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: دَعْنِي فَإِنَّهُ أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ. فَإِذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ هَذَا فَمَا ظَنُّك بِغَيْرِهِ.
ع: وَخَصَّ الشَّيْخُ الصَّائِمَ بِالذِّكْرِ هُنَا تَأْكِيدًا لَهُ، فَيَنْبَغِي لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ أَنْ يُقِلُّوا مِنْ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِي (وَ) يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَيْضًا أَنْ (يُعَظِّمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ) مِنْ زَائِدِ الْمَعْنَى، وَيُعَظِّمَ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي عَظَّمَهُ اللَّهُ (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ وَأَدَّاهُ فِيهِ أَدَاءً لَا قَضَاءً.

[قَوْلُهُ: قِيلَ يَنْبَغِي إلَخْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: قِيلَ يَنْبَغِي بِمَعْنَى يُسْتَحَبُّ، وَقِيلَ بِمَعْنَى يَجِبُ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَيُحْمَلُ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ عَلَى الْكَفِّ عَنْ الْمُحَرَّمِ، وَمَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ عَلَى الْكَفِّ عَنْ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ كَالْإِكْثَارِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ.
[قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ [قَوْلُهُ: السَّمْعُ إلَخْ] أَرَادَ بِالسَّمْعِ الْأُذُنَ وَبِالْبَصَرِ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ مِنْ الْجَوَارِحِ [قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِاللِّسَانِ إلَخْ] أَيْ إنَّمَا لَمْ يَخْتَصِرْ بِحَيْثُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْجَوَارِحِ [قَوْلُهُ: قِيلَ مَا مِنْ صَبَاحٍ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ حَدِيثًا.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّضْعِيفَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّكْوَى عِنْدَ الصَّبَاحِ فَقَطْ، وَهَلْ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ عِنْدَهُ.
[قَوْلُهُ: إلَّا وَالْجَوَارِحُ] أَيْ مَا عَدَا اللِّسَانِ [قَوْلُهُ: تَشْكُو اللِّسَانَ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهَا شَكْوَى إنَّمَا هُوَ سُؤَالٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ شَكْوَى حَالِيَّةٌ لَا شَكْوَى مَقَالِيَّةً، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: مَا مِنْ صَبَاحٍ أَنَّ سُؤَالَهَا الْمَذْكُورَ بِلِسَانِ الْمَقَالِ لَا بِلِسَانِ الْحَالِ.
[قَوْلُهُ: نَاشَدْنَاك اللَّهَ] أَيْ سَأَلْنَاك مُقْسِمِينَ عَلَيْك بِاَللَّهِ الِاسْتِقَامَةَ وَعَدَمَ الِاعْوِجَاجِ؛ لِأَنَّك إذَا اسْتَقَمْت اسْتَقَمْنَا.
[قَوْلُهُ: يَجْذِبُ] مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ.
[قَوْلُهُ: مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ] أَيْ كُفَّ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ [قَوْلُهُ: دَعْنِي] أَيْ اُتْرُكْنِي [قَوْلُهُ: أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ] جَمْعُ مَوْرِدٍ مَحَلُّ وُرُودِ الْمَاءِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ، فَشَبَّهَ الْهَلَاكَ بِالْمَاءِ بِجَامِعِ الْإِلْجَاءِ فِي كُلٍّ، فَكَمَا أَنَّ الشَّخْصَ يَلْجَأُ لِلْمَاءِ بِسَبَبِ شِدَّةِ الْعَطَشِ كَذَلِكَ يَلْجَأُ لِلْهَلَاكِ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْمَوَارِدُ تَخْيِيلٌ وَأَوْرَدَنِي تَرْشِيحٌ أَوْ أَنَّ الْمَوَارِدَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْمَعَاصِي وَالْعَلَاقَةُ ظَاهِرَةٌ، وَأَوْرَدَنِي تَرْشِيحٌ أَوْ أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ تَبَعِيَّةٌ فَشَبَّهَ إيقَاعَهَا فِي الْمَعَاصِي بِإِيرَادِ الْمَوَارِدِ، وَالْمَعَاصِي اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَاشْتَقَّ مِنْ الْإِيرَادِ أَوْرَدَنِي بِمَعْنَى أَوْقَعَنِي فَهُوَ تَرْشِيحٌ لَفْظًا عَلَى هَذَا.
[قَوْلُهُ: فَمَا ظَنُّك بِغَيْرِهِ] أَيْ أَيُّ شَيْءٍ ظَنُّك بِغَيْرِهِ هَذَا مَدْلُولُهُ.
وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ تَفْخِيمُ هَذَا الظَّنِّ مِنْ الظَّنِّ مِنْ حَيْثُ إنَّ مُتَعَلَّقَهُ لَيْسَ إلَّا الْهَلَاكُ.
[قَوْلُهُ: تَأْكِيدًا لَهُ] أَيْ قُوَّةَ حَثٍّ لَا لِلتَّخْصِيصِ.
[قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي] أَيْ فَيَتَأَكَّدُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ أَنْ يَقُولُوا: وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّ الصَّائِمَ مِنْ حَيْثُ صِيَامُهُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ.
[قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْفَضْلِ] أَيْ الْفَضِيلَةِ وَالصَّلَاحُ هُوَ الْقِيَامُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَخَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِي مِنْهُمْ أَقْبَحُ وَأَفْظَعُ.
[قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَعْنِي] لَا يَخْفَى أَنَّ مَا لَا يَعْنِي يَشْمَلُ الْمُحَرَّمَ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْمَقَامِ مَا لَيْسَ مُحَرَّمًا لِلتَّعْبِيرِ بِالْقِلَّةِ.
[قَوْلُهُ: الْمَعْنَى إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا اسْمٌ مَوْصُولٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بَيَانِيَّةً أَيْ وَيُعَظَّمُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ الَّذِي هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى فِي، وَالْمَعْنَى وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُعَظِّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالصَّلَاةِ، وَتَعْظِيمُهَا بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا مَعَ التَّأَدُّبِ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]] أَيْ وَأُنْزِلَ فِيهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 458
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست