responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 410
حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ (أَجْمَلُ) أَيْ أَحْسَنُ (لِمَنْ اسْتَطَاعَ) وَيُسْتَعَانُ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ عَلَى أَجْرِ الْمَصَائِبِ.

(وَيُنْهَى) بِمَعْنَى وَنُهِيَ (عَنْ الصُّرَاخِ وَالنِّيَاحَةِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحِيحَيْنِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: «أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَصَلَقَ وَخَرَقَ» . الْحَالِقَةُ هِيَ: الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَالصَّالِقَةُ هِيَ: الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالنَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، وَالْخَارِقَةُ هِيَ: الَّتِي تَخْرِقُ ثَوْبَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQرُسُوخٌ. [قَوْلُهُ: أَيْ أَحْسَنُ] أَيْ مِنْ الْبُكَاءِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْبُكَاءَ لَا حُسْنَ فِيهِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ. [قَوْلُهُ: وَيُسْتَعَانُ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ] أَيْ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي شَأْنِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155] إلَى آخِرَ الْآيَةِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ مَعَهُ اللَّهُمَّ أَجُرْنِي عَلَى مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا فَعَلَ اللَّهُ بِهِ ذَلِكَ» ، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ التَّصَبُّرُ أَحْسَنَ فَلِمَ أَهْمَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَكَى عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ بِالنِّسْبَةِ لَنَا لِلتَّشْرِيعِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ.

[قَوْلُهُ: وَيُنْهَى بِمَعْنَى وَنُهِيَ] لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ سَبَقَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ حَيْثُ اسْتَلْزَمَ أَمْرًا مُحَرَّمًا، وَهُوَ مَا كَانَ بِصَوْتٍ مَعَ قَوْلٍ قَبِيحٍ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ بِصَوْتٍ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ قَبِيحٍ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا بَعْدَهُ.
[قَوْلُهُ: الصُّرَاخِ] فِي الصِّحَاحِ بِضَبْطٍ بِالْقَلَمِ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ الصُّرَاخُ بِضَمِّ الصَّادُ.
[قَوْلُهُ: وَالنِّيَاحَةِ] فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ وَالنِّيَاحَةُ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعُ، وَقَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِالْكَلَامِ الْمُسْجَعِ اهـ. فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. [قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنَّا] أَيْ مِنْ أَهْلِ سُنَّتِنَا وَلَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ بِهَدْيِنَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُرُوجَهُ عَنْ الدِّينِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا يُكَفَّرُ بِهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ نَعَمْ يُكَفِّرُ بِاعْتِقَادِ حِلِّهَا.
وَعَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ كَرِهَ الْخَوْضَ فِي تَأْوِيلِهِ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَأَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ. [قَوْلُهُ: ضَرَبَ الْخُدُودَ] إنَّمَا خَصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخُدُودَ بِالضَّرْبِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ مِنْهُنَّ، وَلِأَنَّ أَشْرَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ الْوَجْهُ فَلَا يَجُوزُ امْتِهَانُهُ وَإِهَانَتُهُ بِضَرْبٍ وَلَا تَشْوِيهٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُشِينُهُ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْخُدُودَ وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا خَدَّانِ لِأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ بَابِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] وَقَالَتْ الْعَرَبُ: شَابَتْ مَفَارِقُهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَفْرِقٌ وَاحِدٌ، فَكَأَنَّهُمْ سَمَّوْا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَفْرِقِ مَفْرِقًا وَهَذَا إذَا جَعَلْنَا مِنْ وَاقِعَةً عَلَى مُفْرَدٍ، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا وَاقِعَةً عَلَى جَمْعٍ فَلَا إشْكَالَ، وَالْمُرَادُ بِشَقِّ الْجُيُوبِ إفْسَادُهَا بِالْقَطْعِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ السُّخْطِ وَعَدَمِ إظْهَارِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ مَعَ مَا فِي شَقِّ الْجُيُوبِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ.
وَقَالَ فِي الْعُدَّةِ: وَإِنَّمَا جَمَعَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا خَدَّانِ فَقَطْ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْجَمْعِ، وَالْجُيُوبُ بِضَمِّ الْجِيمِ جَمْعُ جَيْبٍ مِنْ جَابَهُ أَيْ قَطَعَهُ وَهُوَ مَا يُفْتَحُ مِنْ الثَّوْبِ لِتَدْخُلَ فِيهِ الرَّأْسُ لِلُبْسِهِ.
[قَوْلُهُ: وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ] هِيَ زَمَانُ الْفَتْرَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ قَالَ فِي بُكَائِهِ مَا يَقُولُونَ مِمَّا لَا يَجُوزُ شَرْعًا كَوَا جَمَلَاهُ وَاعْضُدَاهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَسْطَلَّانِيُّ.
[قَوْلُهُ: بِالنَّدْبِ إلَخْ] هُوَ تَعْدَادُ الْمَحَاسِنِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ.
وَقَوْلُهُ: وَالنِّيَاحَةُ تَقَدَّمَ أَنَّهَا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ، فَيُؤَوَّلُ الْكَلَامُ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَلَا مَعْنَى لَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنْ يُرْتَكَبَ التَّجْرِيدُ فَيُرَادَ مِنْهَا النَّدْبُ، وَيَكُونُ الْعَطْفُ مُرَادِفًا، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى هِيَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِتَعْدَادِ الْمَحَاسِنِ. [قَوْلُهُ: قَبْلَ مَوْتِهَا] أَيْ قَبْلَ حُضُورِ مَوْتِهَا، وَقَيَّدَ بِهِ إيذَانًا بِأَنَّ شَرْطَ التَّوْبَةِ أَنْ يَتُوبَ وَهُوَ يُؤَمِّلُ الْبَقَاءَ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ ذَكَرَهُ التُّورْبَشْتِيُّ.
[قَوْلُهُ: تُقَامُ] أَيْ تُحْشَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تُقَامُ حَقِيقَةً عَلَى تِلْكَ الْحَالِ بَيْنَ أَهْلِ النَّارِ، وَالْمَوْقِفُ جَزَاءٌ عَلَى قِيَامِهَا فِي النِّيَاحَةِ. [قَوْلُهُ: «سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ» ] السِّرْبَالُ الْقَمِيصُ وَالْقَطِرَانُ دُهْنٌ يُدْهَنُ بِهِ الْجَمَلُ الْأَجْرَبُ فَيُحْرَقُ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 410
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست