responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 26
لِتَسْتَقِيمَ بِهِ الْفَوَاصِلُ وَهِيَ حِلْيَةُ الْكَلَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَفِي آخِرِ بَابِ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ أَنَّ الْإِيمَانَ مُرَكَّبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: النُّطْقُ وَالتَّصْدِيقُ، وَالْعَمَلُ بِالْجَوَارِحِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ أَوَّلَ الْبَابِ الْمَذْكُورِ إنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَشَرْطُ كَمَالٍ لَا شَرْطُ صِحَّةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَوْلُهُ: بِأَلْسِنَتِهِمْ نَاطِقِينَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ النُّطْقُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِيهِ عَنْ ذَلِكَ الْإِشَارَةُ (وَتَعَلَّمُوا) أَيْ الْمُؤْمِنُونَ (مَا عَلَّمَهُمْ) اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْإِيمَانُ (وَوَقَفُوا عِنْدَ مَا حَدَّ لَهُمْ) وَهُوَ الْوَاجِبَاتُ وَالْمَنْدُوبَاتُ وَالْمُحَرَّمَاتُ وَالْمَكْرُوهَاتُ، فَالْوُقُوفُ هُنَا مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُلَازَمَةُ لَهُ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ، فَوَقَفُوا عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ بِالِامْتِثَالِ وَعَلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ بِالِاجْتِنَابِ (وَاسْتَغْنَوْا) بِمَعْنَى اكْتَفَوْا (بِمَا أَحَلَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَأْخِيرٌ] التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لَا فِي الْحَالِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ.
[قَوْلُهُ: الْفَوَاصِلُ] جَمْعُ فَاصِلَةٍ وَهِيَ فِي النَّثْرِ بِمَنْزِلَةِ الْقَافِيَةِ فِي الشِّعْرِ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ حِلْيَةُ الْكَلَامِ] أَيْ زِينَةُ الْكَلَامِ أَيْ يَتَزَيَّنُ الْكَلَامُ بِهَا. [قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ إلَخْ] أَقُولُ لَا مُخَالَفَةَ فِي أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِالْإِيمَانِ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ وَمَا سَيَأْتِي مُرَادُهُ بِهِ أَصْلُ الْإِيمَانِ. [قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ كَوْنِهِ مُرَكَّبًا مِنْ اثْنَيْنِ فَقَطْ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنْ لَا مُخَالَفَةَ ثُمَّ أَقُولُ: وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ إذْ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِيمَانَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ نَاجِيًا مِنْ الْعَذَابِ الْمُخَلِّدِ التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ، لَكِنْ بِحَيْثُ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ النُّطْقُ لَأَتَى بِهِ وَلَمْ يَأْتِ [قَوْلُهُ: فَيُجْزِيهِ عَنْ ذَلِكَ الْإِشَارَةُ] أَيْ فَلَا لِإِشَارَةٍ قَائِمَةٍ مَقَامَ النُّطْقِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِيمَانِ أَيْ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا عِنْدَ اللَّهِ إلَّا إذَا أَتَى بِتِلْكَ الْإِشَارَةِ هُنَا عَلَى مَا ادَّعَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا عَلَى مَا قُلْنَا إنَّهُ الْمَشْهُورُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُشِرْ نَعَمْ لَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ انْتَقَلَ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِيمَانِ إلَّا بِالْإِشَارَةِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِيمَانُ] اعْتَرَضَهُ عج بِالْقُصُورِ حَيْثُ قَالَ: وَتَعَلُّمُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ عَلَّمَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ الْمَعْرِفَةُ وَحَقِيقَةُ الْإِيمَانِ وَشَرَائِعُ الْإِسْلَامِ. وَاقْتَصَرَ الشَّاذِلِيُّ فِي الصَّغِيرِ عَلَى الْإِيمَانِ، فَقَالَ: مَا عَلَّمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْإِيمَانُ اهـ.
وَفِيهِ قُصُورٌ اهـ. كَلَامُ عج، بَقِيَ بَحْثٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: تَصْدِيقٌ وَقَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ تَعَلُّمُهَا فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ الْقَصْدُ الِاتِّصَافُ بِهَا، فَالْوَجْهُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَتَعَلَّمُوا مَجَازًا عَنْ الِاتِّصَافِ أَيْ وَاتَّصَفُوا، وَتَجَوَّزَ بِقَوْلِهِ: مَا عَلَّمَهُمْ عَنْ إيجَادِ اللَّهِ ذَلِكَ الْإِيمَانَ فِيهِمْ وَالتَّقْدِيرُ، وَاتَّصَفُوا بِالْإِيمَانِ الَّذِي أَوْجَدَهُ اللَّهُ فِيهِمْ وَيُمْكِنُ إبْقَاءُ الْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ: الْإِيمَانُ أَيْ شَرَائِعُ الْإِيمَانِ نَعَمْ يُرَادُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَلُّمِ الْمُعَلِّمِ لَهُمْ، قُلْنَا: مَعْنَى عِبَارَتِهِ شَرَعُوا فِي تَعَلُّمِ مَا وَجَبَ تَعَلُّمُهُ عَلَيْهِمْ أَفَادَهُ عج.
[قَوْلُهُ: الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الشَّيْءِ] هُوَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ، وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ، وَالْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ التَّرْكُ، وَتَرَكَ الْمُبَاحَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدٌّ. [قَوْلُهُ: بِالِامْتِثَالِ] قَالَ فِي الْقَامُوسِ: امْتَثَلْت أَمْرَهُ أَطَعْتُهُ، وَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوِّرًا الْوُقُوفَ فِي جَانِبِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ بِالْإِطَاعَةِ أَيْ فِعْلُهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: بِالِاجْتِنَابِ أَيْ تَرْكُهُمَا وَبِتَقْدِيرِنَا هَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَ عج مُتَعَقِّبًا لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ وَنَصِّهِ، وَهُوَ أَيْ كَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ صَدَرَ عَنْهُ فِعْلُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي لَا عَلَى وَجْهِ الْمُوَاظَبَةِ بِأَنْ عَاجَلَهُ الْمَوْتُ لَا يَكُونُ وَاقِفًا عَلَى الْحُدُودِ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ تُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِالْعَمَلِ بِالْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي، ثُمَّ قَالَ: بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّاذِلِيُّ يُقَالُ: مَا حِكْمَةُ اعْتِبَارِ الِامْتِثَالِ فِي جَانِبِ الْأَوَامِرِ دُونَ النَّوَاهِي مَعَ أَنَّ الثَّوَابَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِامْتِثَالِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَتَحَقَّقُ بِحُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الِامْتِثَالِ اهـ.

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست