responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 23
بِعَدْلِهِ) عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ سَبَبٌ، وَكَقَوْلِك: سَهَا فَسَجَدَ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّنْبِيهَ وَالْإِعْذَارَ سَبَبٌ لِقَبُولِهِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُمَا سَبَبٌ فِي الْغَوَايَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْإِرْشَادِ وَالْبَيَانِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: 3] أَيْ بَيَّنَّا لَهُ طَرِيقَيْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
وَقِيلَ: الْهِدَايَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَفْظَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالضَّلَالُ وَالْخِذْلَانُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكُفْرِ، فَهِدَايَةُ الْمُهْتَدِي مَحْضُ فَضْلٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ وَلَا سَابِقَةَ اسْتِحْقَاقٍ لِلْعَبْدِ، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَيْءٌ، وَالْإِضْلَالُ وَالْخِذْلَانُ عَدْلٌ مِنْهُ وَالْعَدْلُ مَا لِلْفَاعِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَالِكٌ لِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهَا؛ وَلِهَذَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ الظُّلْمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وَتَبَيَّنَ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ، فَإِنْ قِيلَ: الْهِدَايَةُ بِمَعْنَى الْبَيَانِ عَامَّةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا عَلَى عَدَمِهَا فَالْمَعْنَى فَهَدَى مَنْ أَرَادَ تَوْفِيقَهُ أَيْ وَفَّقَ مَنْ أَرَادَ تَوْفِيقَهُ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ التَّوْفِيقِ مُلْتَبِسًا بِفَضْلِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ سَبَبٌ] وَهُوَ التَّنْبِيهُ وَالْإِعْذَارُ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّنْبِيهَ وَالْإِعْذَارَ سَبَبٌ] لَمْ يَقُلْ سَبَبَانِ مَعَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا سَبَبٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: فِي الْهِدَايَةِ] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَبَبٌ، وَقَوْلُهُ: لِقَبُولِهِمَا أَيْ لِأَجْلِ قَبُولِهِمَا أَوْ عِنْدَ قَبُولِهِمَا. [قَوْلُهُ: وَالْإِعْرَاضِ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ لِقَبُولِهِمَا إلَخْ أَنْ يَقُولَ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُمَا أَيْ لِأَجْلِ الْإِعْرَاضِ أَوْ عِنْدَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُمَا فِي الْغَوَايَةِ أَيْ أَنَّ التَّنْبِيهَ وَالْإِعْذَارَ سَبَبٌ فِي الْهِدَايَةِ لِأَجَلِ قَبُولِهِمَا أَوْ عِنْدَ قَبُولِهِمَا وَسَبَبٌ فِي الْغَوَايَةِ لِأَجْلِ الْإِعْرَاضِ أَوْ عِنْدَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُمَا.
[قَوْلُهُ: الْغَوَايَةُ] بِفَتْحِ الْغَيْنِ خِلَافُ الرُّشْدِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: وَالْبَيَانِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى شَامِلَةٌ لِلْكَافِرِ أَيْضًا. [قَوْلُهُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ] أَيْ فَهُمَا مُتَرَادِفَانِ. [قَوْلُهُ: خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاعَةِ] أَرَادَ بِالْقُدْرَةِ الْعَرَضُ الْمُقَارِنُ لِلْفِعْلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَيْدٍ وَالدَّاعِيَةِ إلَيْهَا. وَقِيلَ: خَلْقُ الطَّاعَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ مُوَفَّقًا بِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي مَعْنَاهَا شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ التَّأْلِيفُ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكُفْرِ] أَرَادَ بِهَا الْعَرَضُ الْمُقَارِنُ. [قَوْلُهُ: فَهِدَايَةُ الْمُهْتَدِي] أَيْ إرْشَادُهُ وَالْبَيَانُ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ تَوْفِيقُهُ عَلَى الثَّانِي.
[قَوْلُهُ: مَحْضُ فَضْلٍ] مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ فَضْلٌ مَحْضٌ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ عِوَضًا تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ مَحْضُ فَضْلٍ.
[قَوْلُهُ: وَلَا سَابِقَةَ اسْتِحْقَاقٍ] أَيْ وَلَا اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ فَهُوَ أَيْضًا مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ، وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ مَوْلَاهُ شَيْئًا تَكُونُ تِلْكَ الْهِدَايَةُ عِوَضًا عَنْهُ، وَمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَ اللَّهِ تِلْكَ الْهِدَايَةَ لِذَاتِهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ.
[قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ إلَخْ] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَحْضُ فَضْلٍ.
[قَوْلُهُ: سُبْحَانَهُ] أَيْ أُنَزِّهُهُ تَنْزِيهًا. [قَوْلُهُ: تَعَالَى] أَيْ ارْتَفَعَ. [قَوْلُهُ: وَلِهَذَا] أَيْ وَلِكَوْنِهِ مَالِكًا اعْلَمْ: أَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي تَفْسِيرِهَا مَا نَصُّهُ فَلَا أُعَذِّبُ عَبْدًا بِغَيْرِ ذَنْبٍ اهـ.
فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا مَسُوقَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْوَعْدِ لَا بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا يَتَصَرَّفُ كَيْفَ يَشَاءُ الَّذِي كَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ إذْ لَوْ نَظَرَ لِذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يُعَذَّبَ وَلَوْ بِدُونِ ذَنْبٍ، فَلَا يُنَاسِبُ إيرَادُ الْآيَةِ فَإِنْ قُلْت: ظَلَّامٍ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مَعْنَاهَا كَثِيرُ الظُّلْمِ فَالنَّفْيُ مُتَسَلِّطٌ عَلَى الْقَيْدِ الَّذِي هُوَ كَثْرَةُ الظُّلْمِ فَيُفِيدُ ثُبُوتَ أَصْلِ الظُّلْمِ لَهُ وَالْغَرَضُ نَفْيًا قُلْت: أُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ.:
الْأَوَّلُ أَنَّ ظَلَّامٍ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَتَمَّارٍ أَيْ ذِي تَمْرٍ، فَالْمَعْنَى وَمَا رَبُّك بِمَنْسُوبٍ لِلظُّلْمِ، الثَّانِي: أَنَّ الْمُبَالَغَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّفْيِ أَيْ انْتَفَى الظُّلْمُ عَنْ الْمَوْلَى انْتِفَاءً مُؤَكَّدًا وَالْإِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفِيِّ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: رِعَايَةُ الصَّلَاحِ إلَخْ] الصَّلَاحُ مَا قَابَلَهُ فَسَادٌ كَمُقَابَلَةِ الْإِنْعَامِ بِالْعِقَابِ، وَالْأَصْلَحُ مَا قَابَلَهُ صَلَاحٌ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست