responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 203
(مَا أَمَرَهُ) اللَّهُ (بِهِ) مِنْ الْإِخْلَاصِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ الصَّحِيحَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الْإِخْلَاصِ وَالنِّيَّةُ قَصْدُ الْمُكَلَّفِ الشَّيْءَ الْمَأْمُورَ بِهِ فَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَاَلَّذِي يَقَعُ بِهِ الْإِجْزَاءُ عِنْدَنَا أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِاللِّسَانِ، قِيلَ: هُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ إذْ اللِّسَانُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ، وَأَنْوَاعُهَا ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ أَيْ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ، أَوْ يَنْوِيَ أَدَاءَ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ، أَوْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَا كَانَ الْحَدَثُ مَانِعًا مِنْهُ.
ق: مَنْ أَرَادَ الْكَمَالَ فَلْيَنْوِ الْجَمِيعَ، وَمِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّلَاثِ فَلِذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ: وَطَمَعًا مُفَسِّرًا لِلْمُرَادِ وَالْوُجُوبُ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهَذَا التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْرِ الْكُلِّيِّ الصَّادِقِ بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ عَدَمُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ.
وَأَقُولُ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ الصَّوَابَ حَذْفَ قَوْلِهِ: وَطَمَعًا إلَخْ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ احْتِسَابًا أَيْ خَالِيًا عَنْ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ؛ لِأَنَّ حَيْثِيَّةَ الطَّمَعِ سَيُشِيرُ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: يَرْجُو تَقَبُّلَهُ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: لِأَجْلِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَجِبُ إلَخْ بِاعْتِبَارِ قَيْدِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ احْتِسَابًا أَيْ خَالِصًا، وَالتَّقْدِيرُ وَيُطْلَبُ مِنْهُ طَلَبًا جَازِمًا الْعَمَلُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ خَالِصًا لِأَجْلِ الْإِخْلَاصِ الَّذِي طَلَبَهُ رَبُّنَا طَلَبًا جَازِمًا، فَالْمُرَادُ مِنْ الْأَمْرِ هُنَا الْوُجُوبُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى صَحِيحٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ الْمَأْمُورَ بِهِ لَيْسَ عِلَّةً لِطَلَبِهِ طَلَبًا جَازِمًا، وَإِنْ لَاحَظْت الْإِخْلَاصَ الْمَأْمُورَ بِهِ الْمَجْعُولَ عِلَّةً بِاعْتِبَارِ أَمْرِ اللَّهِ بِهِ فَيُؤَوَّلُ الْأَمْرُ إلَى كَوْنِ الْعِلَّةِ أَمْرَ اللَّهِ يَلْزَمُ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ.
[قَوْلُهُ: وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُنَافِي مُفَادَ كَلَامِهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْلَاصِ إفْرَادُ الْمَعْبُودِ بِالْعِبَادَةِ لِقَوْلِهِ: لَا لِرِيَاءٍ وَلَا لِسُمْعَةٍ أَيْ الطَّمَعُ فِي ثَوَابٍ مُدَّخَرٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى [قَوْلُهُ: فَإِنَّ النِّيَّةَ الصَّحِيحَةَ لَا تَكُونُ إلَخْ] يُفِيدُ أَنَّ النِّيَّةَ غَيْرُ الْإِخْلَاصِ فَالتَّعْلِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْإِخْلَاصِ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَالصِّحَّةُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّ النِّيَّةَ الصَّحِيحَةَ بِمَعْنَى الْكَمَالِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى فَالصِّحَّةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا.
[قَوْلُهُ: وَالنِّيَّةُ قَصْدُ الْمُكَلَّفِ إلَخْ] التَّقْيِيدُ بِالْمُكَلَّفِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ يَجِبُ، وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ، وَإِنَّهَا قَصْدُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْوُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ شَمِلَ الصَّبِيَّ [قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ] أَيْ وَحَيْثُ فُسِّرَتْ النِّيَّةُ بِالْقَصْدِ فَيَكُونُ مَحَلُّهَا الْقَلْبَ [قَوْلُهُ: أَيْ يَنْوِي بِقَلْبِهِ] أَيْ يَنْوِي فِي قَلْبِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّهَا الْقَلْبُ.
[قَوْلُهُ: قِيلَ هُوَ الْأَفْضَلُ] أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ، أَيْ عَدَمُ النُّطْقِ هُوَ الْأَفْضَلُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ] وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُقَابِلَهُ يَقُولُ: إنَّ النُّطْقَ أَفْضَلُ فَقَدْ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ فِي بَابِ الصَّلَاةِ: إنَّ التَّلَفُّظَ بِالنِّيَّةِ أَفْضَلُ. [قَوْلُهُ: رَفْعَ الْحَدَثِ إلَخْ] الْحَدَثُ لَهُ إطْلَاقَاتٌ أَرْبَعٌ: الْمَنْعُ وَالْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ وَالْخَارِجُ وَالْخُرُوجُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَقَامِ أَنْ يُرَادَ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، أَعْنِي الْمَنْعَ وَالْوَصْفَ، فَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَنْعِ قُصُورٌ.
[قَوْلُهُ: الْمُتَرَتِّبَ] أَيْ عَلَى خُرُوجِ الْخَارِجِ [قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِيَ أَدَاءَ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ] فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، وَانْظُرْ لَوْ نَوَى الصَّبِيُّ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِالْفَرْضِ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ هَلْ يَكُونُ بَاطِلًا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ تَلَاعَبَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِكَوْنِهِ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ إنْ تَلَبَّسَ بِالْعِبَادَةِ تَارِكًا لَهُ: وَقَوْلُنَا: قَبْلَ الْوَقْتِ أَيْ.
وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِهِ فَيَصِحُّ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، وَيَرُدُّ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُوَسَّعَ كَالْوُضُوءِ قَبْلَ دُخُولِهِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْفَرْضُ بِدُخُولِ وَقْتِهِ صَحَّتْ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست