responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 122
وَفَسَّرَ الْأَئِمَّةَ بِقَوْلِهِ: (مِنْ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ) أَيْ أَحْكَامِهِمْ (وَعُلَمَائِهِمْ) فَجَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِمْ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ بِعِلْمِهِمْ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِمْ أُمَرَاءُ الْحَقِّ الْعَامِلُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ السُّنَّةِ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَالْجَائِرُونَ لَا يُطَاعُونَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ فِي اعْوِجَاجًا يَعْنِي عَنْ الْحَقِّ فَلْيُذَكِّرْنِي، فَقَامَ إلَيْهِ بِلَالٌ أَوْ سَلْمَانُ فَقَالَ: لَوْ رَأَيْنَا فِيك اعْوِجَاجًا لَقَوَّمْنَاك بِسُيُوفِنَا. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ إذَا رَأَى فِي اعْوِجَاجًا قَوَّمَنِي بِسَيْفِهِ.

(وَ) كَذَلِكَ (اتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ) وَهُمْ الصَّحَابَةُ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَفِيمَا تَأَوَّلُوهُ وَاسْتَنْبَطُوهُ عَنْ اجْتِهَادِهِمْ، (وَاقْتِفَاءُ آثَارِهِمْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ قُتِلَ، أَفَادَ ذَلِكَ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ.
وَأَمَّا إذَا أَمَرُوا بِمَكْرُوهٍ فَفِيهِ خِلَافُ الْوُجُوبِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْكَرَاهَةُ مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَعَدَمُهُ عِنْدَ الْقُرْطُبِيِّ.
قَالَ: فَلَوْ أَمَرُوا بِجَائِزٍ صَارَتْ طَاعَتُهُمْ فِيهِ وَاجِبَةٌ، وَلَمَا حَلَّتْ مُخَالَفَتُهُمْ فَلَوْ أَمَرُوا بِمَا زَجَرَ الشَّارِعُ عَنْهُ زَجْرَ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ فَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْمُخَالَفَةِ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْتَثِلَ اهـ.
[قَوْلُهُ: أَيْ حُكَّامِهِمْ] كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ بِدُونِ هَمْزٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَشَرْحِ الْعَقِيدَةِ وَتَحْقِيقِ الْمَبَانِي وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ أَحْكَامِهِمْ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِلْأُمُورِ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ] وَهُمْ قِسْمَانِ: مُجْتَهِدٌ وَمُقَلِّدٌ، فَالْمُجْتَهِدُ فَرْضُهُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ، وَالْمُقَلِّدُ يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ فِي الْعَقَائِدِ.
[قَوْلُهُ: الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ] وَصْفٌ لَازِمٌ بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهِ وَأَنَّهُ أَثَرُ الْعِلْمِ الْأَثَرُ الْأَعْظَمُ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهُ. [قَوْلُهُ: أُمَرَاءُ الْحَقِّ] أَيْ الْأُمَرَاءُ الْمَنْسُوبُونَ لِلْحَقِّ لِعَمَلِهِمْ بِهِ، فَقَوْلُهُ: الْعَامِلُونَ إلَخْ تَوْضِيحٌ لِذَلِكَ وَأَرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِهِ وَأَمْرِ السُّنَّةِ مَا أَمَرَ بِهِ نَبِيُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْكِتَابُ وَإِسْنَادُ الْأَمْرِ لِلسُّنَّةِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَاحِبُهَا الَّذِي هُوَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: الْآمِرُونَ إلَخْ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ هُنَا [قَوْلُهُ: وَالْجَائِرُونَ لَا يُطَاعُونَ] أَيْ لَا تَجُوزُ طَاعَتُهُمْ.
قَالَ تت: وَلَا تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الْجَوْرِ إلَّا لِخَوْفِ الْقِتَالِ وَالنِّزَاعِ فَيُطَاعُ عِنْدَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] الْمُنَاسِبُ إيرَادُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِيمَا إذَا أَمَرَ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ الَّتِي مِنْهَا الْعَدَالَةُ بِمَعْصِيَةٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ» إلَخْ.
وَأَمَّا الْجَائِرُ الَّذِي لَيْسَ بِعَادِلٍ فَهَذَا لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ وَلَوْ فِي الْجَائِزِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ تت. [قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ] أَيْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِلْمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. [قَوْلُهُ: قَوْلُ عُمَرَ] أَيْ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ. [قَوْلُهُ: فَلْيُذَكِّرْنِي] أَيْ مَا رَأَى فِي [قَوْلُهُ: فَقَامَ إلَيْهِ بِلَالٌ أَوْ سَلْمَانُ] أَوْ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ بَلْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ [قَوْلُهُ: لَوْ رَأَيْنَا فِيك اعْوِجَاجًا] أَيْ مَيْلًا عَنْ الْحَقِّ. [قَوْلُهُ: لَقَوَّمْنَاك] أَيْ لَجَعَلْنَاك مُسْتَقِيمًا عَلَى الْحَقِّ بِسُيُوفِنَا بِحَيْثُ نَقْهَرُك بِالسُّيُوفِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اتِّبَاعَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ أَيْ وَاجِبٌ، فَيَكُونُ حَلَّ إعْرَابٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَلَّ مَعْنًى إشَارَةً إلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَاتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَاجِبٌ. [قَوْلُهُ: السَّلَفِ الصَّالِحِ] أَيْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
[قَوْلُهُ: وَهُمْ الصَّحَابَةُ إلَخْ] قَصَرَهُ عَلَى الصَّحَابَةِ لِمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي: السَّلَفُ الصَّالِحُ وَصْفٌ لَازِمٌ يَخْتَصُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِالصَّحَابَةِ وَلَا يُشَارِكُهُمْ غَيْرُهُمْ فِيهِ وَأَلْ فِي الصَّالِحِ لِلْجِنْسِ فَصَحَّ وَصْفُهُ لِلسَّلَفِ، وَالصَّالِحُ هُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ وَالصَّحَابَةُ أَوْلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ] سَوَاءٌ تَلَقَّوْهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَا بِأَنْ كَانَتْ بِاسْتِنْبَاطٍ وَاجْتِهَادٍ فَعَطْفُ قَوْلِهِ: وَفِيمَا تَأَوَّلُوهُ وَاسْتَنْبَطُوهُ عَطْفُ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست