responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 60
فِي غَيْرِ أَيَّامِهِ مَعَ الدَّمِ أَوْ بِلَا دَمٍ، فَإِنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ يَخْتَلِفُ، وَمَنْ رَامَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ أُمِّ عَطِيَّةَ هُوَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَحَدِيثَ عَائِشَةَ فِي أَثَرِ انْقِطَاعِهِ، أَوْ إِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هُوَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَحَدِيثَ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ.
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَلَمْ يَرَوُا الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا لَا فِي أَيَّامِ حَيْضٍ، وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَلَا بِأَثَرِ الدَّمِ، وَلَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَمُ الْحَيْضِ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ» ، وَلِأَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ لَيْسَتْ بِدَمٍ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ سَائِرِ الرُّطُوبَاتِ الَّتِي تُرْخِيهَا الرَّحِمُ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَزْمٍ.

الْمَسْأَلَةُ السّادِسَةُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَلَامَةِ الطُّهْرِ، فَرَأَى قَوْمٌ أَنَّ عَلَامَةَ الطُّهْرِ رُؤْيَةُ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ أَوِ الْجُفُوفِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ عَادَتُهَا أَنْ تَطْهُرَ بِالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ أَوْ بِالْجُفُوفِ أَيُّ ذَلِكَ رَأَتْ طَهُرَتْ بِهِ.
وَفَرَّقَ قَوْمٌ فَقَالُوا: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ فَلَا تَطْهُرُ حَتَّى تَرَاهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا تَرَاهَا فَطُهْرُهَا الْجُفُوفُ، وَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَاعَى الْعَادَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَاعَى انْقِطَاعَ الدَّمِ فَقَطْ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الَّتِي عَادَتُهَا الْجُفُوفُ تَطْهُرُ بِالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ وَلَا تَطْهُرُ الَّتِي عَادَتُهَا الْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ بِالْجُفُوفِ وَقَدْ قِيلَ بِعَكْسِ هَذَا وَكُلُّهُ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ مَتَى يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْحَائِضِ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي الْحَائِضِ إِذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ مَتَى يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَبَدًا: حُكْمُهَا حُكْمُ الطَّاهِرَةِ إِلَى أَنْ يَتَغَيَّرَ الدَّمُ إِلَى صِفَةِ الْحَيْضِ، وَذَلِكَ إِذَا مَضَى لِاسْتِحَاضَتِهَا مِنَ الْأَيَّامِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَقَلِّ أَيَّامِ الطُّهْرِ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ حَائِضًا (أَعْنِي: إِذَا اجْتَمَعَ لَهَا هَذَانِ الشَّيْئَانِ تَغَيُّرُ الدَّمِ وَأَنْ يَمُرَّ لَهَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ مِنَ الْأَيَّامِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ طُهْرًا، وَإِلَّا فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ أَبَدًا) . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَقْعُدُ أَيَّامَ عَادَتِهَا إِنْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً قَعَدَتْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَذَلِكَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَعْمَلُ عَلَى التَّمْيِيزِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْعَادَةِ عَمِلَتْ عَلَى الْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِهِمَا مَعًا فَلَهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَعْمَلُ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَالثَّانِي: عَلَى الْعَادَةِ.

اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست