responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 54
التَّرْجِيحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ عِنْدَهُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، وَهُوَ وُجُوبُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ، وَقَدْ رَجَّحَ الْجُمْهُورُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، قَالُوا: وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مُجَاوَزَةَ الْخِتَانَيْنِ تُوجِبُ الْحَدَّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ، وَحَكَوا أَنَّ الْقِيَاسَ مَأْخُوذٌ عَنِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَرَجَّحَ الْجُمْهُورُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ لِإِخْبَارِهَا ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كَوْنِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مُوجِبًا لِلطُّهْرِ.
فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى اعْتِبَارِ اللَّذَّةِ فِي ذَلِكَ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ نَفْسَ خُرُوجِهِ هُوَ الْمُوجِبُ لِلطُّهْرِ سَوَاءٌ أَخْرَجَ بِلَذَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ لَذَّةٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا هَلِ اسْمُ الْجُنُبِ يَنْطَلِقُ عَلَى الَّذِي أَجْنَبَ عَلَى الْجِهَةِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ أَمْ لَيْسَ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الَّذِي أَجْنَبَ عَلَى طَرِيقِ الْعَادَةِ، لَمْ يُوجِبِ الطُّهْرَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ لَذَّةٍ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَى خُرُوجِ الْمَنِيِّ كَيْفَمَا خَرَجَ أَوْجَبَ مِنْهُ الطُّهْرَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ لَذَّةٍ.
وَالسَّبَبُ الثَّانِي: تَشْبِيهُ خُرُوجِهِ بِغَيْرِ لَذَّةٍ بِدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ.
واخْتِلَافُهُمْ فِي خُرُوجِ الدَّمِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحَاضَةِ هَلْ يُوجِبُ طُهْرًا، أَمْ لَيْسَ يُوجِبُهُ؟ فَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَفِي الْمَذْهَبِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرْعٌ، وَهُوَ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ أَصْلِ مَجَارِيهِ بِلَذَّةٍ، ثُمَّ خَرَجَ فِي وَقْتٍ آخَرَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ مِثْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمُجَامِعِ بَعْدَ أَنْ يَتَطَهَّرَ، فَقِيلَ يُعِيدُ الطُّهْرَ، وَقِيلَ لَا يُعِيدُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْخُرُوجِ صَحِبَتْهُ اللَّذَّةُ فِي بَعْضِ نَقْلَتِهِ، وَلَمْ تَصْحَبْهُ فِي بَعْضٍ، فَمَنْ غَلَّبَ حَالَ اللَّذَّةِ قَالَ: يَجِبُ الطُّهْرُ، وَمَنْ غَلَّبَ حَالَ عَدَمِ اللَّذَّةِ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطُّهْرُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ هَذَيْنِ الْحَدَثَيْنِ الْجَنَابَةَ وَالْحَيْضَ]
الْبَابُ الثَّالِثُ:
فِي أَحْكَامِ هَذَيْنِ الْحَدَثَيْنِ أَعْنِي الْجَنَابَةَ وَالْحَيْضَ أَمَّا أَحْكَامُ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ الْجَنَابَةُ، فَفِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الأُولَى:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْجُنُبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقَوْمٌ مَنَعُوا ذَلِكَ بِإِطْلَاقٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ; وَقَوْمٌ مَنَعُوا ذَلِكَ إِلَّا لِعَابِرٍ فِيهِ لَا مُقِيمٍ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ ; وَقَوْمٌ أَبَاحُوا ذَلِكَ لِلْجَمِيعِ، وَمِنْهُمْ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا أَحْسَبُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِ الشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ: هُوَ تَرَدُّدُ قَوْلِهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]

اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست