responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 46
أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْهُ فِي حَالٍ وَلَمْ يُوجِبْهُ فِي حَالٍ، أَوْ حَمَلَ حَدِيثَ بُسْرَةَ عَلَى النَّدْبِ، وَحَدِيثَ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى الْوُجُوبِ. وَالِاحْتِجَاجَاتُ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي تَرْجِيحِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَجَّحَهُ كَثِيرَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي كُتُبِهِمْ، وَلَكِنْ نُكْتَةُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ.

الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ اخْتَلَفَ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ أَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاتَّفَقَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى سُقُوطِهِ، إِذْ صَحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَلِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلَكِنْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَطَائِفَةٌ غَيْرُهُمْ أَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ فَقَطْ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ بِذَلِكَ عَنْهُ، - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

الْمَسْأَلَةُ السّادِسَةُ شَذَّ أَبُو حَنِيفَةَ فَأَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ لِمُرْسَلِ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَهُوَ «أَنَّ قَوْمًا ضَحِكُوا فِي الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ» .
وَرَدَّ الْجُمْهُورُ هَذَا الْحَدِيثَ لِكَوْنِهِ مُرْسَلًا وَلِمُخَالَفَتِهِ لِلْأُصُولِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَنْقُضُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَقَدْ شَذَّ قَوْمٌ فَأَوْجَبُوا الْوُضُوءَ مِنْ حَمْلِ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبُوا الْوُضُوءَ مِنْ زَوَالِ الْعَقْلِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ، مِنْ قِبَلِ إِغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سُكْرٍ، وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى النَّوْمِ، أَعْنِي أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ إِذَا كَانَ النوم يُوجِبُ الْوُضُوءَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِلْحَدَثِ غَالِبًا، وَهُوَ الِاسْتِثْقَالُ، فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ ذَهَابُ الْعَقْلِ سَبَبًا لِذَلِكَ.
فَهَذِهِ هِيَ مَسَائِلُ الْبَابِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا، وَالْمَشْهُورَاتُ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ نَصِيرَ إِلَى الْبَابِ الْخَامِسِ.

اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست