responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 27
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَأَمَّا صِفَةُ الْخُفِّ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الصَّحِيحِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُخَرَّقِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: يَمْسَحُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا، وَحَدَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَا يَكُونُ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ. وَقَالَ قَوْمٌ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُنْخَرِقِ مَا دَامَ يُسَمَّى خُفًّا، وَإِنْ تَفَاحَشَ خَرْقُهُ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ، وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ فِي مُقَدَّمِ الْخُفِّ خَرْقٌ يَظْهَرُ مِنْهُ الْقَدَمُ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: اخْتِلَافُهُمْ فِي انْتِقَالِ الْفَرْضِ مِنَ الْغَسْلِ إِلَى الْمَسْحِ هَلْ هُوَ لِمَوْضِعِ السِّتْرِ (أَعْنِي سِتْرَ خُفِّ الْقَدَمَيْنِ) أَمْ هُوَ لِمَوْضِعِ الْمَشَقَّةِ فِي نَوْعِ الْخُفَّيْنِ؟ فَمَنْ رَآهُ لِمَوْضِعِ السِّتْرِ لَمْ يُجِزِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ الْمُنْخَرِقِ ; لِأَنَّهُ إِذَا انْكَشَفَ مِنَ الْقَدَمِ شَيْءٌ انْتَقَلَ فَرْضُهَا مِنَ الْمَسْحِ إِلَى الْغَسْلِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَشَقَّةُ لَمْ يَعْتَبِرِ الْخَرْقَ مَا دَامَ يُسَمَّى خُفًّا.
وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْخَرْقِ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ فَاسْتِحْسَانٌ وَرَفْعٌ لِلْحَرَجِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَتْ خِفَافُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا تَسْلَمُ مِنَ الْخُرُوقِ كَخِفَافِ النَّاسِ، فَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ حَظْرٌ لَوَرَدَ وَنُقِلَ عَنْهُمْ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ مَسْكُوتٌ عَنْهَا، فَلَوْ كَانَ فِيهَا حُكْمٌ مَعَ عُمُومِ الِابْتِلَاءِ بِهِ لَبَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] .

الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ وَأَمَّا التَّوْقِيتُ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ، وَأَنَّ لَابِسَ الْخُفَّيْنِ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَنْزِعْهُمَا أَوْ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ ; وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مُؤَقَّتٌ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ:
أَحَدُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.
وَالثَّانِي حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ " أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَوْمًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيَوْمَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَثَلَاثَةً؟ قَالَ نَعَمْ حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَ: امْسَحْ مَا بَدَا لَكَ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّحَاوِيُّ.

اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست