responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 173
هَذِهِ الْمَوَاضِعِ هُوَ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ أَقْسَامِ النِّسَبِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْخُصُوصَيْنِ وَالْعُمُومَيْنِ، وَهِيَ أَرْبَعٌ:
عُمُومَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْقُوَّةِ، وَخُصُوصَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْقُوَّةِ، فَهَذَا لَا يُصَارُ لِاسْتِثْنَاءِ أَحَدِهِمَا إِلَّا بِدَلِيلٍ.
الثَّانِي: مُقَابِلُ هَذَا، وَهُوَ خُصُوصٌ فِي نِهَايَةِ الْقُوَّةِ وَعُمُومٌ فِي نِهَايَةِ الضَّعْفِ، فَهَذَا يَجِبُ أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ وَلَا بُدَّ أَعْنِي: أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الْعُمُومِ الْخُصُوصُ.
الثَّالِثُ: خُصُوصَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَحَدُ الْعُمُومَيْنِ أَضْعَفُ مِنَ الثَّانِي، فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّصَ فِيهِ الْعُمُومُ الضَّعِيفُ.
الرَّابِعُ: عُمُومَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَحَدُ الْخُصُوصَيْنِ أَقْوَى مِنَ الثَّانِي، فَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيهِ لِلْخُصُوصِ الْقَوِيِّ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا تَسَاوَتِ الْأَوَامِرُ فِيهَا فِي مَفْهُومِ التَّأْكِيدِ، فَإِنِ اخْتَلَفَتْ حَدَثَتْ مِنْ ذَلِكَ تَرَاكِيبُ مُخْتَلِفَةٌ، وَوَجَبَتِ الْمُقَايَسَةُ أَيْضًا بَيْنَ قُوَّةِ الْأَلْفَاظِ وَقُوَّةِ الْأَوَامِرِ، وَلِعُسْرِ انْضِبَاطِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قِيلَ إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَوْ أَقَلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَأْثُومٍ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ: هَلْ يَرْكَعُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَرْكَعُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِعُمُومِ الْأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: - «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» يُوجِبُ أَنْ يَرْكَعَ الدَّاخِلُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَالْأَمْرُ بِالْإِنْصَاتِ إِلَى الْخَطِيبِ يُوجِبُ دَلِيلُهُ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ مِمَّا يَشْغَلُ عَنِ الْإِنْصَاتِ وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً، وَيُؤَيِّدُ عُمُومَ هَذَا الْأَثَرِ مَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ، وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَمَرَ الرَّجُلَ الدَّاخِلَ أَنْ يَرْكَعَ، وَلَمْ يَقُلْ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ» الْحَدِيثَ.
فَيَتَطَرَّقُ إِلَى هَذَا الْخِلَافُ فِي هَلْ تُقْبَلُ زِيَادَةُ الرَّاوِي الْوَاحِدِ إِذَا خَالَفَهُ أَصْحَابُهُ عَنِ الشَّيْخِ الْأَوَّلِ الَّذِي اجْتَمَعُوا فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ صَحَّتِ الزِّيَادَةُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا، فَإِنَّهَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَالنَّصُّ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَارَضَ بِالْقِيَاسِ، لَكِنْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي رَاعَاهُ مَالِكٌ فِي هَذَا هُوَ الْعَمَلَ.

اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست