responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 154
أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ إِسْلَامًا، وَلَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدُ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ لَكِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَفْهُومِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ مِنَ الْأَقْرَأِ هَاهُنَا الْأَفْقَهَ ; لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْفِقْهِ فِي الْإِمَامَةِ أَمَسُّ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الْقِرَاءَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَقْرَأَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ هُوَ الْأَفْقَهَ ضَرُورَةً، وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ الْيَوْمَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِمَامَةِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ إِذَا كَانَ قَارِئًا، فَأَجَازَ ذَلِكَ قَوْمٌ لِعُمُومِ هذا الأثر ولحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ صَبِيٌّ.
وَمَنَعَ ذَلِكَ قَوْمٌ مُطْلَقًا، وَأَجَازَ قَوْمٌ فِي النَّفْلِ، وَلَمْ يُجِيزُوهُ فِي الْفَرِيضَةِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ هَلْ يَؤُمُّ أَحَدٌ فِي صَلَاةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ؟ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ؟ .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ اخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الْفَاسِقِ، فَرَدَّهَا قَوْمٌ بِإِطْلَاقٍ، وَأَجَازَهَا قَوْمٌ بِإِطْلَاقٍ، وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ الْمُصَلِّي وَرَاءَهُ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ مَظْنُونًا اسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ تَأَوُّلًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ بِتَأْوِيلٍ أَوْ يَكُونَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ مِثْلَ الَّذِي يَشْرَبُ النَّبِيذَ، وَيَتَأَوَّلُ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَجَازُوا الصَّلَاةَ وَرَاءَ الْمُتَأَوِّلِ، وَلَمْ يُجِيزُوهَا وَرَاءَ غَيْرِ الْمُتَأَوِّلِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا أَنَّهُ شَيْءٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ، وَالْقِيَاسُ فِيهِ مُتَعَارِضٌ.
فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْفِسْقَ لَمَّا كَانَ لَا يُبْطِلُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ الْمَأْمُومُ مِنْ إِمَامِهِ إِلَّا صِحَّةَ صَلَاتِهِ فَقَطْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ عَنِ الْمَأْمُومِ أَجَازَ إِمَامَةَ الْفَاسِقِ، وَمَنْ قَاسَ الْإِمَامَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَاتَّهَمَ الْفَاسِقَ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي صَلَاةً فَاسِدَةً كَمَا يُتَّهَمُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَكْذِبَ لَمْ يُجِزْ إِمَامَتَهُ، وَلِذَلِكَ فَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ بِتَأْوِيلٍ أَوْ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا يَرْجِعُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ، فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مَقدُورٍ فِي تَأْوِيلِهِ،

اسم الکتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست