responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد    الجزء : 1  صفحة : 516
فيعاد قوله: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] إليه؛ لأن القرآن كله كسورة واحدة في رد بعضه إلى بعض وتفسير بعضه ببعض. والثاني: أن نقول: إنه قد تقدم لهن في السورة ذكر؛ لأن قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] عام فيمن لم تطلق بعد، وفيمن طلقت طلقة، وفيمن طلقت طلقتين وبقيت فيها طلقة؛ لأنها تبين بالطلقة الواحدة للسنة. فيرجع قوله: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] إليها دون من سواها ممن عمه عموم اللفظ. واستدل من ذهب إلى أنها لا نفقة لها ولا سكنى، بما روي «عن فاطمة بنت قيس أنها قالت: لم يجعل لي رسول الله نفقة ولا سكنى». وهذا لا حجة فيه؛ لأنها إنما قالت ذلك تأويلا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ أمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم. وفي أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياها أن تعتد عند ابن أم مكتوم دليل على أنه نقلها عن العدة الواجبة عليها في بيت زوجها إلى حيث أمرها أن تعتد فيه بما ذكر من استطالتها بلسانها على أحمائها، فقد أوجب لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها السكنى وجعله حقا عليها لله تعالى من حيث لم تشعر؛ إذ لو لم يوجبه عليها لما أمرها به في موضع ما ولقال لها: اعتدي حيث شئت، فلا سكنى لك. واستدل من ذهب إلى أن لها السكنى والنفقة بما روي من أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لا ندع آية من كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يقول: لها السكنى والنفقة. وتأول والله أعلم أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قال لها: لا نفقة لك من أجل أنها سخطت ما أرسل إليها به؛ إذ رأى أنه هو الواجب لها عليه لقول الله عز وجل: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]، وتأول أيضا أن النفقة التي أمر الله بها للحوامل بقوله: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] ليس من أجل الحمل إنما هو من أجل العدة؛ إذ لو كان من أجل الحمل لوجب له الرجوع بها عليه إذا ولد حيا وقد مات أخ لأمه فورثه، كما لو أنفق عليه في حياته ثم انكشف أن له مالا. واختلف الذين أوجبوا لها السكنى فيما يجب عليها فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يجب عليها المقام فيه، وإنما هو حق لها إن شاءت أخذته وإن

اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد    الجزء : 1  صفحة : 516
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست