اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 51
راح إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيرا أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانما. وروي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أنه قال: «ما أعمال البر كلها في الجهاد إلا كبصقة في بحر، وما أعمال البر كلها والجهاد في طلب العلم إلا كبصقة في بحر». فنص في هذا الحديث على أن طلب العلم أفضل من الجهاد، ومعناه في الموضع الذي يكون الجهاد فيه فرضا على الكفاية إذا كان قد قيم به؛ لأنه يكون له نافلة. وأما القيام بفرض الجهاد أو الجهاد في الموضع الذي يتعين فيه الجهاد على الأعيان فلا شك أنه أفضل من طلب العلم والله أعلم. وظاهر الحديث يدل على أن طلب العلم أفضل من الصلاة. وما روي عن «النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أنه سئل عن أفضل الأعمال فقال: الصلاة لأول ميقاتها» معناه في الفرائض، وأما في النوافل فطلب العلم أفضل منها على ظاهر الحديث المذكور والله أعلم.
وقد سئل مالك عن القوم يتذاكرون الفقه القعود معهم أحب إليك في ذلك أم الصلاة؟ فقال بل الصلاة. وروي عنه أن العناية بالعلم أفضل، وليس ذلك عندي اختلافا من قوله. ومعناه أن طلب العلم أفضل من الصلاة لمن ترجى إمامته، والصلاة أفضل من طلب العلم لمن لا ترجى إمامته إذا كان عنده منه ما يلزمه في خاصة نفسه من صفة وضوئه وصلاته وصيامه. وقال سحنون يلزم أثقلهما عليه.
فصل
والأجر في العناية بالعلم على قدر النية فيه. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله تعالى قد أوقع أجره على قدر نيته». والله تبارك وتعالى قد قسم بين عباده الأعمال وتفضل عليهم بالثواب. روي أن بعض العباد كتب إلى مالك يحضه
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 51