اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 452
ليكون بهم النسل حتى يكمل ما قدره من الخلق. وأباحه في الشرع على وجهين: [أحدهما: عقد النكاح، والثاني: ملك اليمين، فلا يحل استباحة الفرج بما عدا هذين الوجهين]. قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] فأما النكاح فإنه في الجملة مرغب فيه ومندوب إليه، خلافا لأهل الظاهر في قولهم إنه واجب. والدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل؛ لأنه خير فيه بين النكاح وملك اليمين فقال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]. وملك اليمين ليس بواجب بإجماع، ولا يصح التخيير بين واجب وما ليس بواجب؛ لأن ذلك مخرج للواجب عن الوجوب وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6]، فدل ذلك من قوله على أن النكاح غير واجب؛ لأن من حفظ فرجه عن الزنا بملك يمينه أو باستغنائه عن النكاح توجهت المدحة إليه من الله عز وجل.
فصل
فإذا ثبت بهذه الأدلة أن النكاح غير واجب علم أن الأوامر الواردة في القرآن بالنكاح في قوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، وقوله: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] وليست على الوجوب. [وإذا لم تكن على الوجوب] فهي على الندب لا على الإباحة. والدليل على ذلك حض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على النكاح ونهيه عن التبتل وهو ترك النكاح. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 452