اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 398
القران أفضل، وهو مذهب علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وفي قول عائشة: «خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا». دليل على أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قارنا، إذ لا اختلاف أن الهدي كان معه يومئذ ساقه مع نفسه.
وخرج أبو داود عن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال لعلي بن أبي طالب: كيف صنعت؟ قال: قلت: أهللت بإهلال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: فإني سقت الهدي وقرنت» وذكر تمام الخبر. وكذلك روي «عن أنس بن مالك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرن وأنه سمعه يقول لبيك بحجة وعمرة معا». وذهبت طائفة من العلماء إلى أنه لا يجوز أن يقال في واحدة من هذه الوجوه إنها أفضل من الأخرى، لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أباحها كلها وأذن بها ورضيها ولم يقل في واحدة منها إنها أفضل من الأخرى. والأولى ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن الإفراد في الحج أفضل من التمتع والقران، لأن التمتع والقران رخصة من الله، أوجب على من أخذ بها الهدي إذا لم يكن من أهل مكة. فمن لم يأخذ بالرخصة وأتى بالحج والعمرة في سفرين فهو أفضل والله أعلم. وقد قال بعض أصحابنا: إن الإفراد أفضل، ثم التمتع بعده لأن الله تعالى أباحه في القرآن.
فصل
وإذا صح حديث ابن عباس أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهل بالحج حين فرغ من الركعتين، وحين استوت به راحلته، وحين ظهر على البيداء وصحح على ذلك وجه الاختلاف المروي في حين إحرامه، صح أن يصحح عليه أيضا وجه الاختلاف المروي فيما كان به محرما، إذ قد يحتمل أن يكون أهل حين فرغ من الركعتين بعمرة مفردة، فلما استوت به راحلته أو ظهر على البيداء أهل بحجة مفردة أضافها إلى عمرته المتقدمة فصار بذلك قارنا، فقال من سمع إحرامه حين صلى الركعتين
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 398