اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 387
عمرة القضية تخوف أقوام كانوا يطوفون بهما في الجاهلية قبل الإسلام لصنمين كانا عليهما تعظيما منهم لهما فقالوا: كيف نطوف بهما وقد علمنا أن تعظيم الأصنام وما يعبد من دون الله شرك بالله، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]» أي: فإن كان أهل الشرك يطوفون بهما من أجل الصنمين اللذين بهما كفرا بالله فإنكم تطوفون بهما إيمانا بالله وتصديقا برسله وطاعة لربكم فلا جناح عليكم، أي لا إثم عليكم في الطواف بهما. وروي عن الشعبي أنه قال: كان في الجاهلية وثن على الصفا يسمى أساف وعلى المروة وثن يسمى نائلة، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوثنين، فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام قال المسلمون: إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين فليس الطواف بهما من الشعائر، فأنزل الله تعالى أنهما من الشعائر. وهذا نحو ما في الموطأ عن عروة بن الزبير أنه قال: «قلت لعائشة أم المؤمنين وأنا يومئذ حديث السن، أرأيت قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فما على الرجل أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة: كلا، لو كان كما تقول لقال فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار الذين كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]».
فصل
وأصل السعي بين الصفا والمروة في الحج ما جاء في الحديث الصحيح من «أن إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لما ترك ابنه إسماعيل مع أمه بمكة وهو رضيع فنفد ماؤهما وعطشت وعطش ولدها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قالت: يتلبط، فانطلقت كراهة أن تنظر إليه [فوجدت الصفا أقرب جبل يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا، فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 387