اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 257
النساء لا يلزم المعتكف إلا إذا اعتكف في مسجد على ظاهر ما في القرآن، وهو شذوذ من القول فتدبر ذلك.
فصل
ومن شرائطه ترك مباشرة النساء. فمن جامع امرأته أو باشرها أو قبلها أو تلذذ بشيء من أمرها ناسيا أو متعمدا في ليل أو نهار بطل اعتكافه واستأنفه من أوله، لقول الله عز وجل: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وكذلك إن كانت امرأة فجومعت في اعتكافها نائمة أو مكرهة بطل اعتكافها. وكذلك إذا أفطر متعمدا بطل اعتكافه واستأنفه نذرا كان أو تطوعا على مذهب مالك في المدونة، وإن كان ناسيا قضى ما أفطر ووصله باعتكافه في الوجهين. وقال ابن حبيب: لا يلزمه قضاء في التطوع.
فصل
ومن شرائطه على مذهب مالك وأصحابه الصوم، فلا يكون اعتكاف إلا بصوم، لأن الله جل ذكره إنما ذكره مع الصيام فقال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وأجاز الشافعي والمزني - رحمهما الله تعالى - الاعتكاف بغير صوم. واحتج من نصر مذهبهما بما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية علي وابن عباس أنه قال: «ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجبه على نفسه» وإلى هذا ذهب ابن لبابة فقال: لو لزم المعتكف الصيام وإن لم يرده لما جاز أن يعتكف في رمضان، كما لا يجوز لمن نذر اعتكافا بصوم أن يجعله في رمضان. وهذا لا يلزم، لأنا لا نقول إن من شرط صحة الاعتكاف أن يكون الصيام له، وإنما نقول إن من شرط صحته الصيام وإن فعله لغيره كالطهارة التي هي من شرط صحة الصلاة وإن فعلها لغيرها. ودليلنا على ذلك ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية عائشة أنه قال: «لا اعتكاف إلا بصوم». وهو قول علي وابن
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 257