responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 8
عَلَيْهِ الْجَوَارِحُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ النِّيَّةُ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَلَا تَرَى أَنَّ السَّاجِدَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالسَّاجِدَ لِلصَّنَمِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ عِبَادَةً وَهَذِهِ كُفْرًا بِالنِّيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ مُحَافِظًا عَلَى نِيَّتِهِ ابْتِدَاءً فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فِي عَمَلِهِ يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي نِيَّتِهِ فَيُحْسِنَهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَسَنَةً فَيُنَمِّيَهَا إنْ أَمْكَنَ تَنْمِيَتُهَا وَمَا افْتَرَقَ النَّاسُ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِمْ إلَّا مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى بَعْضِهِمْ تَقَارُبُ أَفْعَالِهِمْ ثُمَّ إنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ بِحَسَبِ مَقَاصِدِهِمْ وَتَنْمِيَةِ أَفْعَالِهِمْ.
مِثَالُ ذَلِكَ ثَلَاثُ رِجَالٍ يَخْرُجُونَ إلَى الصَّلَاةِ أَحَدُهُمْ يَخْرُجُ وَيَنْظُرُ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِهِ قَضَاهَا فِي طَرِيقِهِ وَهُوَ سَاهٍ عَنْ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ بِذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهَذَا لَهُ أَجْرُ الصَّلَاةِ لَيْسَ إلَّا وَالْخُطَى الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا لِلْمَسْجِدِ قَدْ ذَهَبَتْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ» فَشُرِطَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حُصُولِ هَذَا الْأَجْرِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ وَهَذَا الْمَذْكُورُ قَدْ أَرَادَ غَيْرَهَا بِالْحَاجَةِ الَّتِي نَوَى قَضَاءَهَا.
وَالثَّانِي خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ إلَّا وَلَمْ يَخْلِطْ مَعَ هَذِهِ النِّيَّةِ غَيْرَهَا، فَهَذَا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَرَكَةُ الْخُطَى إلَى الْمَسْجِدِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -.
وَالثَّالِثُ خَرَجَ بِمَا خَرَجَ بِهِ الثَّانِي لَكِنَّهُ حِينَ خُرُوجِهِ نَظَرَ فِي نِيَّتِهِ إنْ كَانَ يُمْكِنُ تَنْمِيَتُهَا أَمْ لَا فَوَجَدَ ذَلِكَ مُمْكِنًا مُتَحَصِّلًا فَفَعَلَهُ فَخَرَجَ وَلَهُ مِنْ الْأُجُورِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ الَّذِي مَنَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ لَيْسَ إلَّا، بَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ الْأَفْعَالِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا مَهْمَا أَمْكَنَ تَنْمِيَتُهَا فَعَلَ ذَلِكَ.
فَيَحْصُلُ بِهِ الْخَيْرُ الْعَظِيمُ وَالسَّعَادَةُ الْعُظْمَى مَعَ رَاحَةِ الْبَدَنِ مِنْ التَّعَبِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ ذَلِكَ بِشَرْطٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست