responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 61
وَمَا كَانَ سَبَبُ هَذَا الْخُلُقِ مِنْهُ إلَّا سُوءَ ظَنِّهِ بِنَفْسِهِ.
وَحُكِيَ عَنْ آخَرَ أَنَّهُ مَرَّ مَعَ أَصْحَابِهِ بِمَوْضِعٍ وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَلَّ أَنْ يُغَيِّرَ مُنْكَرًا فَمَرُّوا بِدُكَّانٍ وَرَجُلٌ يُجَامِعُ امْرَأَةً عَلَى مَسْطَبَةِ الدُّكَّانِ فَغَمَّضَ الشَّيْخُ عَيْنَيْهِ وَمَرَّ فَجَاءَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَأَمْسَكَهُ.
وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدِي مَا بَقِيَ لَك هَاهُنَا تَأْوِيلٌ أَوْ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ فَقَالَ: لَهُ الشَّيْخُ أَمَا تَعْذُرُهُمْ يَا أَخِي كَثُرَتْ الْعِيَالُ وَضَاقَتْ الْبُيُوتُ حَتَّى احْتَاجَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِزَوْجَتِهِ لِمِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ صَاحِبُ حَالٍ فَحَمَلَهُ حَالُهُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَإِلَّا فَتَحْسِينُ الظَّنِّ مُمْكِنٌ وَنَهْيُهُ وَاجِبٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّ عُلَمَاءَنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلرِّجَالِ أَنْ يَجْتَمِعُوا بِالنِّسَاءِ فِي الطُّرُقِ لِحَدِيثٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ لَكِنَّ الْحَالَ حَامِلٌ لَا مَحْمُولٌ.
سَمِعْت سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إذَا مَرَّ عَلَيْك إنْسَانٌ بِجَرَّةِ خَمْرٍ ثُمَّ غَابَ عَنْك وَرَجَعَ عَرِيًّا عَنْهَا لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَقُولَ: شَرِبَهَا وَلَا أَوْصَلَهَا لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَإِنَّمَا تَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاهُ وَتَابَ عَلَيْهِ.
هَكَذَا تَكُونُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ مَعَ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ أَعْنِي هَذِهِ سَبِيلُهُ مَعَهُمْ مَعَ عَدَمِ الْخِلْطَةِ فَيَدْخُلُ إذْ ذَاكَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «سَلَامَةُ الصَّدْرِ لَا تُبْلَغُ بِعَمَلٍ» . أَمَّا مَعَ الْخِلْطَةِ، فَالسُّنَّةُ سُوءُ الظَّنِّ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُمْ سَبَبٌ لِتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ، وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مِنْ الْحَزْمِ سُوءُ الظَّنِّ»

فَإِذَا خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ عَلَى مَا وَصَفَ وَدَخَلَ إلَيْهِ يُحَيِّيهِ فَهُوَ فِي تَحِيَّتِهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ وَإِنْ شَاءَ فَعَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَالِاسْتِحْبَابُ بَيِّنٌ وَالْوُجُوبُ بِنَذْرِهَا فَتَصِيرُ وَاجِبَةً ثُمَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ يُحْرِمُ بِهَا وَفِعْلُ الْوَاجِبِ فِيهِ مِنْ الثَّوَابِ مَا فِيهِ.

فَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُ مِنْ إحْدَى أُمُورٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ مُهِمٌّ فِي الدِّينِ كَالْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْمُؤَدِّبِ وَالْمُجَاهِدِ وَالْفَقِيرِ الْمُنْقَطِعِ

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست