responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 36
يَدَيْهِ» ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُ الشَّرْعُ بِمَسْحِ رَأْسِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْمَسْحِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْغَسْلِ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مُخَالَفَةٌ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَاوِرٌ لِمَنْ يَقَعُ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ، وَهُوَ اللِّسَانُ وَالْعَيْنَانِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بِنَفْسِهِ هُوَ الْمُخَالِفُ لَكِنْ كَانَ مُجَاوِرًا لِلْمُخَالِفِ أُعْطِيَ حُكْمًا بَيْنَ حُكْمَيْنِ فَأُمِرَ بِالْمَسْحِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْغَسْلِ.
وَأَيْضًا قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأُذُنَيْنِ هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَمْ لَا؟ وَالْأُذُنَانِ قَدْ يَسْمَعَانِ مَا لَا يَنْبَغِي لَكِنْ لَمَّا كَانَ السَّمْعُ قَدْ يَطْرَأُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي غَالِبِ الْحَالِ، وَهُوَ لَا يَتَعَمَّدُهُ خُفِّفَ أَمْرُهُ فَكَانَ الْمَسْحُ فَإِذَا مَسَحَهُ قَدَّمَ طَهَارَتَهُ الْبَاطِنَةَ بِالتَّوْبَةِ مِمَّا سَمِعَتْ الْأُذُنَانِ وَمِمَّا وَقَعَ فِيهِ مِنْ مُجَاوِرِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ النَّدَمُ تَوْبَةٌ «وَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا» جَاءَ الْحَدِيثُ.
«فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ» .
ثُمَّ أَمَرَهُ الشَّرْعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَيْنِ إذَا نَظَرَتَا وَتَكَلَّمَ اللِّسَانُ وَلَمَسَتْ الْيَدُ وَسَمِعَتْ الْأُذُنُ حِينَئِذٍ تَسْعَى الرِّجْلُ فَالرِّجْلُ آخِرُ الْجَمِيعِ فِي الْمُخَالَفَةِ فَجُعِلَتْ آخِرَ الْجَمِيعِ فِي الْغَسْلِ فَغَسَلَهَا إذْ ذَاكَ وَقَدَّمَ طَهَارَتَهَا الْبَاطِنَةَ فَابْتَدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِمَّا سَعَتْ فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ.
النَّدَمُ تَوْبَةٌ «وَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا» جَاءَ الْحَدِيثُ «فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظَافِرِ رِجْلَيْهِ» فَلَمَّا أَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَرَادَ صَاحِبُ الشَّرْعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ أَنْ يُقِيمَهُ فِي أَكْمَلِ الْحَالَاتِ وَأَتَمِّهَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» .
إشَارَةٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى تَطْهِيرِ الْقَلْبِ مِنْ الِالْتِفَاتِ إلَى الْعَوَارِضِ وَالْخَوَاطِرِ وَالْوَسَاوِسِ وَالنَّزَعَاتِ فَفَهِمَ الْمُؤْمِنُ إذْ ذَاكَ الْمُرَادَ فَامْتَثَلَ طَهَارَةَ الْقَلْبِ عَلَى مَا يَنْبَغِي مِنْ تَجْدِيدِ الْإِيمَانِ وَتَجْدِيدِ التَّوْبَةِ وَالْإِخْلَاصِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: يَنْبَغِي

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست