responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 300
وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَجِدُ اللَّعِينَ لَا يَجِدُ مَوْضِعًا فِيهِ امْتِثَالُ سُنَّةٍ إلَّا وَيَعْمَلُ عَلَى تَبْدِيلِهَا بِمَا يُنَاقِضُهَا حَتَّى صَارَ مَا أَبْدَلَهُ سُنَّةً لَهُمْ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَيْفَ بِك يَا حُذَيْفَةُ إذَا تَرَكْت بِدْعَةً قَالُوا تَرَكَ سُنَّةً» .
وَهَذَا الْحَدِيثُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ، وَذَلِكَ أَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ يُشِيرُ بِهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَارَةً يُؤَكِّدُ ذَلِكَ فَيُوجِبُهُ وَتَارَةً يُخَفِّفُ عَنْ الْعِبَادِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سُنَّةً، فَإِذَا سَمِعْت بِالسُّنَّةِ فَهِيَ عَادَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَرِيقَتُهُ، ثُمَّ بِهَذِهِ السُّنَّةِ أَعْنِي فِي اتِّخَاذِ السُّنَّةِ عَادَةً فَكُلُّ مَنْ كَانَتْ لَهُ عَادَةٌ، أَوْ طَرِيقَةٌ فَتِلْكَ سُنَّتُهُ فَلَمَّا أَنْ اعْتَادَ النَّاسُ عَوَائِدَ وَمَضَتْ الْأَعْوَامُ عَلَيْهَا كَانَتْ سُنَّتَهُمْ.
فَإِذَا جَاءَ الْإِنْسَانُ يَتْرُكُ عَادَتَهُمْ قَالُوا تَرَكَ سُنَّةً، فَإِذَا جَاءَ يَفْعَلُ سُنَّةً أَعْنِي سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا فَعَلَ بِدْعَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّهُ خَالَفَ عَادَتَهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا جَرَى بَعْدَ انْقِطَاعِ الثَّلَاثَةِ قُرُونٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» .
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِمْ خَيْرَ الْقُرُونِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُذَيْفَةَ «كَيْفَ بِك يَا حُذَيْفَةُ إذَا تَرَكْت بِدْعَةً قَالُوا تَرَكَ سُنَّةً» انْتَهَى.
هَذَا إشَارَةٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ هُوَ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، إذْ أَنَّ أَكْثَرَ الْبِدَعِ الْمُسْتَهْجَنَةِ مَا حَدَثَتْ إلَّا بَعْدَهُمْ، وَفِي كُلِّ عَامٍ تَزِيدُ الْبِدَعُ وَتَنْقُصُ السُّنَنُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ عَامٌ إلَّا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ مَا أَرَاهُ مُنْذُ زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّ عَامَنَا هَذَا أَخْصَبُ وَأَرْخَصُ سِعْرًا مِنْ الْعَامِ الْمَاضِي فَقَالَ: فَأَيُّهُمَا أَكْثَرُ فِقْهًا وَقِرَاءَةً وَأَحْدَثُ عَهْدًا بِالنُّبُوَّةِ فَقَالَ الَّذِي مَضَى فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست