responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 20
فِي أُمُورِ دُنْيَاهُمْ وَحَالِنَا فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي هِيَ لِلْآخِرَةِ تَجِدُ إذْ ذَاكَ الْفَرْقَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُ أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ الْوَاحِدِ وَقِسْ عَلَى هَذَا وَانْظُرْ بِنَظَرِك أَيَّ شَبَهٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلَفِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَخَذْنَا وَاَللَّهِ فِي الضِّدِّ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا وَعُلِمَ مِنْ أَحْوَالِنَا وَأَحْوَالِ مَنْ تَقَدَّمَنَا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْبَقَاءَ فِي هَذَا سُخْفٌ فِي الْعَقْلِ وَحِرْمَانٌ بَيِّنٌ فَيَحْتَاجُ مَنْ لَهُ لُبٌّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَتُوبَ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الرَّدِيئَةِ وَيَنْظُرَ بِعَيْنِ الْعِلْمِ فِيهَا وَيُصْلِحَهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ، وَلَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ صَلَاحَهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِتَرْكِهَا بَلْ يَكُونُ بِتَرْكِهَا وَبِالْإِقَامَةِ فِيهَا هَذَا رَاجِعٌ إلَى أَحْوَالِ النَّاسِ فَرُبَّ شَخْصٍ لَا يُنَظِّفُهُ إلَّا التَّرْكُ، وَآخَرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّرْكِ، بَلْ يُبَدِّلُ النِّيَّةَ وَيُحَسِّنُهَا وَيَسْتَقِيمُ حَالُهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ أَخْذِ الدَّرْسِ فِي الْمَدَارِسِ فَيُلْتَمَسُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَعْنِي مَنْ هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ التَّرْكُ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا لِصَاحِبِ الْوَاقِعَةِ أَوْ مَنْ يُبَاشِرُهُ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ وَالتَّمْيِيزِ.
فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْفَرْقَ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلَفِنَا فِي غَالِبِ أَحْوَالِنَا إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ النِّيَّةِ الَّتِي احْتَوَتْ عَلَيْهَا سُوَيْدَاءُ الْقُلُوبِ إذْ أَنَّا نُصَلِّي كَمَا كَانُوا يُصَلُّونَ وَنَصُومُ كَمَا كَانُوا يَصُومُونَ وَنَحُجُّ كَمَا كَانُوا يَحُجُّونَ وَافْتَرَقْنَا لِأَجْلِ افْتِرَاقِ النِّيَّاتِ فَبَعْضُنَا يَكُونُ افْتِرَاقُهُ كَثِيرًا، وَبَعْضُنَا يَكُونُ افْتِرَاقُهُ قَلِيلًا بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ.
فَمَنْ لَهُ عَقْلٌ يَنْبَغِي لَهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ حَالِهِ أَنْ يُصْلِحَ مَا وَقَعَ مِنْ الْخَلَلِ فِي نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ فَيُحَسِّنَ نِيَّتَهُ وَيُزِيلَ عَنْهَا الشَّوَائِبَ ثُمَّ يُنَمِّيهَا مَا اسْتَطَاعَ جَهْدُهُ وَيَلْجَأُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى مَوْلَاهُ وَيَسْتَغِيثُ بِهِ لَعَلَّهُ يَمُنُّ عَلَيْهِ وَيُلْحِقُهُ بِسَلَفِهِ.
وَكَيْفِيَّةُ الْمَأْخَذِ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست