responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 195
الْأَمْرَ بَيْنَنَا وَاصْطَلَحْنَا عَلَيْهِ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا طَلَبَهُ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنَّا؛ لِأَنَّ شَهَوَاتِ النُّفُوسِ وَالْحُظُوظَ؛ النَّاسُ الْكُلُّ مُشْتَرَكُونَ فِي مَحَبَّتِهَا وَالْقَوْلِ بِهَا إلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ سِيَّمَا مَنْ كَانَ شَارِدًا عَنْ بَابِ رَبِّهِ مُعْرِضًا عَنْ مَوْلَاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ شُرُودٌ وَإِعْرَاضٌ أَعْظَمُ وَأَدْهَى وَأَمَرُّ مِنْ الْمُخَالَفَةِ بِالْكُفْرِ وَجَحْدِ الْوَحْدَانِيَّةِ، فَيَكُونُ مَحَبَّةُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ فَلَوْ وَقَفْنَا نَحْنُ عِنْدَ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَلَمْ نَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا، وَلَا نَسْتَحْسِنُهُ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا إلَّا مَا اسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ شَرِيعَتِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْضَاهُ لَنَا وَرَآهُ مَصْلَحَةً لَنَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ يُخَالِطُنَا فِيهِ، وَلَا يَطْلُبُهُ مِنَّا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِرُّونَ عَلَى اتِّبَاعِهِ فِي أَمْرٍ مَا أَبَدًا لِكُفْرِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ. أَلَا تَرَى أَنَّ السَّلَامَ الْمَشْرُوعَ وَمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مِنْ الْبَرَكَةِ وَالْخَيْرِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حِسًّا وَمَعْنًى كَيْفَ يَتَحَامَاهُ أَهْلُ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ عَنْ آخِرِهِمْ، وَلَا يَفْعَلُونَهُ مَعَ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا مَعَ مَنْ يُعَامِلُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْقِيَامُ مَشْرُوعًا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَتَحَامَوْهُ كَمَا تَحَامَوْا السَّلَامَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا شَرَعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتَفَتْ مِنْهُ حُظُوظُ النَّفْسِ، فَلَيْسَ لَهُمْ إلَيْهِ سَبِيلٌ، وَمَا يُسْتَعْمَلُ لِحُظُوظِ النَّفْسِ هُوَ الَّذِي يُشَارِكُنَا فِيهِ أَهْلُ الْمِلَلِ، فَلَوْ أَنْكَرْنَا الْقِيَامَ ابْتِدَاءً بَعْضُنَا لِبَعْضٍ مَا طَلَبَهُ أَهْلُ الْمِلَلِ مِنَّا، وَقَدْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْقِيَامِ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُهُ، وَلَا يُعَامِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهِ، فَلَمَّا أَنْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْأَعَاجِمِ بَانَ أَمْرُهُ وَاتَّضَحَ وَزَالَ إشْكَالُهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ نَهَى فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ، وَقَدْ عَلَّلَهُ هَاهُنَا بِأَنَّهُ فِعْلُ الْأَعَاجِمِ حَتَّى نَهَى عَنْهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى» فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست