responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 165
وَاَللَّهُ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ يُبَادِرُ إلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ فَهَلْ يُنْقَلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ قَامَ لِأَحَدٍ أَوْ أَمَرَ بِالْقِيَامِ لِأَحَدٍ مَعَ أَنَّهُ نَدَبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ فَهَلْ بَعْدَ نَدْبِهِ لِذَلِكَ كَانَ يَقُومُ لِتَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ بَلْ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَنَدْبِهِ إلَى تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ كَانَ خَفْضُ جَنَاحِهِ لَهُمْ بِالتَّوَاضُعِ وَالتَّنَازُلِ عَنْ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا الَّتِي وَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْرَمَهُ بِهَا إلَى مُخَاطَبَتِهِ الضَّعِيفَ الْفَقِيرَ فِي دُنْيَاهُ أَوْ الْفَقِيرَ فِي إيمَانِهِ فَيُبَاسِطُهُمْ وَيُؤَانِسُهُمْ بِحَدِيثِهِ وَمُبَاشَرَتِهِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ وَتَعْلِيمِهِ وَتَهْذِيبِهِ وَتَقْوِيَتِهِ يَقِينَ هَذَا وَإِيمَانَ هَذَا وَتَدْرِيبِهِمْ إلَى الثِّقَةِ بِوَعْدِ اللَّهِ وَمَضْمُونِهِ وَمَا وَهَبَ لِأَوْلِيَائِهِ وَمَا تَوَعَّدَ بِهِ أَعْدَاءَهُ. هَذَا وَمَا شَابَهَهُ هُوَ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ خَفْضِ جَنَاحِهِ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَيْهِ لَا الْقِيَامُ، وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُبَيِّنُ لِلْأَحْكَامِ وَعَنْهُ تُتَلَقَّى، وَعِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْبَيَانِ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ.

وَكَذَلِكَ نَدْبُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ إنَّمَا هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الَّذِي ذَكَرَ فَيَلْطُفُ بِالْكَبِيرِ فِي دُنْيَاهُ فِي تَبْيِينِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ مَعَ إظْهَارِ الْبَشَاشَةِ إلَيْهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَالْمَوَدَّةِ وَالْأُنْسِ وَالْبَسْطِ بِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ وَالدُّنُوِّ مِنْ الْمَنْزِلَةِ الْمُقَرِّبَةِ لِلْمُتَكَلِّمِ مَعَهُ وَالْمُبَاسِطِ لَهُ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ كَانَ كَبِيرًا فِي دِينِهِ بِسَبَبِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ هُمَا مَعًا فَيَلْطُفُ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّنْ ذَكَرَ قَبْلَهُ أَعْنِي فِي الْأُنْسِ وَالدُّنُوِّ وَالْبَسْطِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْزِلَةَ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ مَنْزِلَةِ الدُّنْيَا فَيَعْظُمُ فِي إكْرَامِهِ عَلَى مَا وَرَدَ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُبَيِّنُ لِلْأَحْكَامِ فَأَفْعَالُهُ مُفَسِّرَةٌ وَمُبَيِّنَةٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَحَادِيثِهِ وَلِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ فَيَمْتَثِلُ قَوْلُهُ وَأَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَا امْتَثَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَقِّ نَفْسِهِ الْمُكَرَّمَةِ وَمَعَ أَصْحَابِهِ وَعَلَى مَا امْتَثَلَهُ

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست