responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 159
بِهِمْ إذْ ذَاكَ احْتِرَامًا لِحَدِيثِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ صِفَةِ تَوْقِيرِهِمْ لِلْحَدِيثِ كَيْفَ كَانَ وَمَا جَرَى لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي لَسْعِ الْعَقْرَبِ لَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَهُوَ لَمْ يَتَحَرَّكَ، وَتَحَمُّلُهُ لِلَسْعِهَا تَوْقِيرًا لِجَانِبِ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ لِضُرٍّ أَصَابَ بَدَنَهُ مَعَ أَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيمَا وَقَعَ بِهِ فَكَيْفَ بِالْحَرَكَةِ وَالْقِيَامِ إذْ ذَاكَ لَا لِضَرُورَةٍ بَلْ لِبِدْعَةٍ، سِيَّمَا إنْ انْضَافَ إلَى ذَلِكَ مَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْكَلَامِ الْمُعْتَادِ فِي سَلَامِ بَعْضِنَا عَلَى بَعْضٍ مِنْ التَّمَلُّقِ وَالتَّزْكِيَةِ وَالْأَيْمَانِ بِوُجُودِ الْمَحَبَّةِ وَحُلُولِ الْبَرَكَةِ وَإِحْنَاءِ الرَّأْسِ وَرُكُوعِهِ بَلْ يَقْرُبُ بَعْضُهُمْ مِنْ السُّجُودِ بَلْ يَفْعَلُونَهُ لِبَعْضِ كُبَرَائِهِمْ وَمَشَايِخِهِمْ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ بَلَائِهِ بِمَنِّهِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ «رَجُلًا يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ وَصَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا زَادَ رَزِينٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ سَفَرٍ» انْتَهَى.
وَهَذَا فِيهِ وُجُوهٌ مِنْ الْمَحْذُورَاتِ مِنْهَا ارْتِكَابُ النَّهْيِ فِي التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ، وَقَدْ نَهَانَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَقِيَامُ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ مِنْ فِعْلِهِمْ. وَمِنْهَا أَنَّ فِيهِ إذْلَالًا لِلْقَائِمِ وَإِذْلَالًا لَلْمَقُومِ إلَيْهِ. أَمَّا إذْلَالُ الْقَائِمِ فَبِقِيَامِهِ حَصَلَتْ لَهُ الذِّلَّةُ. وَأَمَّا الْمَقُومُ إلَيْهِ فَلِأَنَّهُ يَنْحَطُّ إذْ ذَاكَ وَيُقَبِّلُ يَدَهُ أَوْ يُشِيرُ إلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُبَاشِرُ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ وَذَلِكَ إذْلَالٌ مَحْضٌ لَا يَرْتَابُ فِيهِ، وَلَا يَشُكُّ، وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُؤْمِنَ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» وَمِنْهَا الْحَلِفُ بِاَللَّهِ إذْ ذَاكَ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يُوَقِّرُونَ الْحَلِفَ كَثِيرًا وَتَكْثِيرُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنْ الْبِدَعِ الْحَادِثَةِ بَعْدَهُمْ، وَالْيَمِينُ هُنَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَلْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُوَقِّرُ أَنْ يَذْكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا عَلَى سَبِيلِ الذِّكْرِ حَتَّى إذَا اُضْطُرُّوا فِي الدُّعَاءِ إلَى مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِمْ بِالْمُكَافَأَةِ لَهُ يَقُولُونَ جُزِيت خَيْرًا خَوْفًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَخْرُجَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ بِغَيْرِ صِفَةِ الذِّكْرِ.
وَمِنْهَا مَا يَحْصُلُ مِنْ حِرْمَانِ بَرَكَةِ السُّنَّةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست