responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 157
وَسَبَبُ هَذَا كُلِّهِ حُبُّ الرِّيَاسَةِ وَالْحَيَاءُ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَرَوْهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَحْمِلُ الْحَاجَةَ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَضْعًا مِنْ حَقِّهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَانِهِ.
وَأَمَّا دُخُولُ الْأَسْوَاقِ وَشِرَاءُ الْحَاجَةِ بِالْيَدِ وَمُبَاشَرَتُهَا فَهِيَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا فَبَقِيَتْ عِنْدَهُمْ الْيَوْمَ كَأَنَّهَا عَيْبٌ كَمَا صَارَ الثَّوْبُ الشَّرْعِيُّ عِنْدَهُمْ عَيْبًا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى ثِيَابِهِمْ وَخِلَعِهِمْ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ بِمَنِّهِ فَهَذِهِ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ فِيهَا وُجُوهٌ مِنْ الْحِكْمَةِ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا التَّوَاضُعُ، وَمِنْهَا امْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ بِيَدِهِ، وَمِنْهَا لِقَاءُ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَمُبَاشَرَتُهُمْ وَاغْتِنَامُ بَرَكَةُ بَعْضِهِمْ وَإِرْشَادُ الْبَاقِينَ، وَمِنْهَا النَّظَرُ فِي تَصْفِيَةِ الْغِذَاءِ وَتَخْلِيصِهِ مِنْ الرِّبَا وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَمَا لَا يَنْبَغِي، وَمِنْهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَوْضِعِ الْغَفْلَةِ سِيَّمَا فِي وَقْتِنَا هَذَا لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي نِيَّةِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ وَعَدَدِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَضْرِبُ بِالدُّرَّةِ مَنْ يَقْعُدُ فِي السُّوقِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ وَيَقُولُ: لَا يَقْعُدُ فِي سُوقِنَا مَنْ لَا يَعْرِفُ الرِّبَا أَوْ كَمَا كَانَ يَقُولُ. وَقَدْ أَمَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِإِقَامَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ مِنْ السُّوقَةِ لِئَلَّا يُطْعِمَ النَّاسَ الرِّبَا.
سَمِعْت سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَذْكُرُ أَنَّهُ أَدْرَكَ بِالْمَغْرِبِ الْمُحْتَسِبَ يَمْشِي عَلَى الْأَسْوَاقِ وَيَقِفُ عَلَى كُلِّ دُكَّانٍ فَيَسْأَلُ صَاحِبَ الدُّكَّانِ عَنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَلْزَمُهُ فِي سِلَعِهِ وَمِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الرِّبَا فِيهَا وَكَيْفَ يَتَحَرَّزُ عَنْهَا، فَإِنْ أَجَابَهُ أَبْقَاهُ فِي الدُّكَّانِ وَإِنْ جَهِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَقَامَهُ مِنْ الدُّكَّانِ، وَيَقُولُ: لَا نُمَكِّنُك أَنَّك تَقْعُدُ بِسُوقِ الْمُسْلِمِينَ تُطْعِمُ النَّاسَ الرِّبَا أَوْ مَا لَا يَجُوزُ انْتَهَى. أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُسْتَظَلَّ بِجِدَارِ صَيْرَفِيٍّ مَعَ أَنَّ الْأَحْكَامَ كَانَتْ إذْ ذَاكَ ظَاهِرَةٌ جَلِيَّةٌ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِالْأَحْكَامِ فَعَلَى هَذَا الْفَتْوَى الْيَوْمَ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَالِبًا لِلْجَهْلِ بِالْأَحْكَامِ، وَتَصَرُّفُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِمَا لَا يَنْبَغِي فِي جُلِّ الْبِيَاعَاتِ فَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ الْيَوْمَ حُكْمُ الصَّيْرَفِيِّ إذْ ذَاكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. فَانْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ وَإِيَّانَا كَيْفَ

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست