responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 14
لِغَيْرِ اللَّهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرِيحُهُ أَنْتَنُ مِنْ الْجِيفَةِ» انْتَهَى.

وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ فَالْمُحَاسَبَةُ حَبْسُ الْأَنْفَاسِ وَضَبْطُ الْحَوَاسِّ وَرِعَايَةُ الْأَوْقَاتِ وَإِيثَارُ الْمُهِمَّاتِ.
يُبَيِّنُ هَذَا وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قِيلَ لَهُ: لَوْ قِيلَ: لَكَ إنَّك تَمُوتُ الْآنَ بِمَاذَا كُنْت تَحْتَرِفُ؟ أَحْتَرِفُ لِأَهْلِي بِالسُّوقِ وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ الْقَطْعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَمُوتَ إلَّا عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ فَلَمَّا أَنْ اخْتَارَ الْمَوْتَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِي السُّوقِ عُلِمَ عِنْدَ ذَلِكَ مَقَاصِدُهُمْ بِالسُّوقِ مَا كَانَتْ وَلِأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَخْرُجُونَ إلَيْهَا، وَهَلْ هُمْ مُعْرِضُونَ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَوْ حَاضِرُونَ فِي الْعِبَادَةِ وَالْخَيْرِ.
وَقَدْ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنِّي لَأَنْكِحُ النِّسَاءَ وَمَا لِي إلَيْهِنَّ حَاجَةٌ وَأَطَأهُنَّ وَمَا لِي إلَيْهِنَّ شَهْوَةٌ قِيلَ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: رَجَاءَ أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ ظَهْرِي مَنْ يُكَاثِرُ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ، فَهَذَا أَعْظَمُ مَلْذُوذَاتِ الدُّنْيَا رَجَعَ مُجَرَّدًا لِلْآخِرَةِ يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَى رَبِّهِمْ فَمَا بَالُك بِمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ لَذَّةً وَشَهْوَةً؟ فَسُبْحَانَ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ وَسَقَاهُمْ بِكَأْسِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ الْيَوْمَ قَدْ أَخَذْنَا فِي الضِّدِّ مِنْ أَحْوَالِهِمْ هَذِهِ أَحْوَالُ دُنْيَاهُمْ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى رَبِّهِمْ وَنَحْنُ الْيَوْمَ قَدْ أَخَذْنَا أَعْظَمَ مَا يُعْمَلُ لِلْآخِرَةِ وَرَدَدْنَاهُ إلَى الدُّنْيَا وَلِأَسْبَابِهَا بَيَانُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَيْثُ قَالَ: «مَا أَعْمَالُ الْبِرِّ فِي الْجِهَادِ إلَّا كَبَصْقَةٍ فِي بَحْرٍ وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ وَالْجِهَادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا كَبَصْقَةٍ فِي بَحْرٍ» .
فَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَعْظَمَ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الْعِلْمِ وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الدُّنْيَا صَرْفًا يَقْعُدُ أَحَدُنَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ وَيَبْحَثُ فِيهِ ثُمَّ يَطْلُبُ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْوَقْتِ مِنْ طَلَبِ الْمَنَاصِبِ بِهِ وَالرِّيَاسَاتِ وَمَحَبَّةِ الظُّهُورِ وَالرِّفْعَةِ بِهِ عَلَى أَبْنَاءِ جِنْسِهِ وَمَحَبَّةِ الْحَظْوَةِ عِنْدَ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْعَوَامِّ إنْ سَلِمَ مِنْ الدَّاءِ الْعُضَالِ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ إلَى أَبْوَابِهِمْ وَإِهَانَةُ هَذَا

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست