responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 125
عَلَيْهِمْ فِي مَعْنَى الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] هَلْ الْمَلَائِكَةُ الْكِرَامُ يَكْتُبُونَ كُلَّ مَا يَتَلَفَّظُ بِهِ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ كَانَ مَا كَانَ أَوْ لَا يَكْتُبُونَ إلَّا مَا تَضَمَّنَهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَحْنُ بِسَبِيلِهَا إذْ أَنَّهَا احْتَوَتْ عَلَى أَشْيَاءَ مَذْمُومَةٍ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وَهِيَ تَزْكِيَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَتَزْكِيَتُهُ لِغَيْرِهِ وَالْكَذِبُ وَمُخَالَفَةُ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَوْ وَقَفَ أَمْرُنَا عَلَى هَذَا لَكَانَ قَرِيبًا أَنْ لَوْ كَانَ سَائِغًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا كَذِبًا وَتَزْكِيَةً يُرْجَى لِأَحَدِنَا التَّوْبَةُ وَالْإِقْلَاعُ وَلَكِنْ زِدْنَا عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرَ الْمَخُوفَ وَهُوَ أَنَّا نَرَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ أَوْ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ بِحَسَبِ مَا سَوَّلَتْ لَنَا أَنْفُسُنَا مِنْ أَنَّ النَّاسَ إذَا خُوطِبُوا بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ تَشَوَّشُوا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَتَوَلَّدَتْ الشَّحْنَاءُ وَالْبَغْضَاءُ فَوَضَعْنَا لَهُمْ التَّزْكِيَةَ الْخَالِصَةَ حَتَّى لَا يَتَشَوَّشُوا وَلَا تَتَوَلَّدُ الْبَغْضَاءُ وَلَا الْعَدَاوَةُ، لَا جَرَمَ أَنَّ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَالشَّحْنَاءَ قَدْ كَمَنَتْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَحَصَلَ مِنْهَا أَوْفَرُ نَصِيبٍ، كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ فَبَقِيَتْ الْبَوَاطِنُ مُتَنَافِرَةً مَعَ الْأَذْهَانِ فِي الظَّاهِرِ، فَأَدَّتْ هَذِهِ الْبِدْعَةُ إلَى الْأَمْرِ الْمَخُوفِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْمُنَافِقِ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهُ وَمُعْتَقَدُهُ خِلَافَ ظَاهِرِهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ تَجُوزُ لَمَا كَانَ أَحَدٌ أَوْلَى بِهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ أَنَّهُمْ شُمُوسُ الْهُدَى وَأَنْوَارُ الظُّلَمِ وَهُمْ أَنْصَارُ الدِّينِ حَقًّا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الِاتِّبَاعِ لَهُمْ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ.
أَلَا تَرَى إلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّاتِي اخْتَارَهُنَّ اللَّهُ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاصْطَفَاهُنَّ لِمَا عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا فِيهِنَّ مِنْ الشِّيَمِ الْكَرِيمَةِ وَالْأَحْوَالِ الْعَالِيَةِ الْمُرْضِيَةِ «لَمَّا أَنْ دَخَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِزَيْنَبِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ فَقَالَتْ: بَرَّةُ فَكَرِهَ ذَلِكَ الِاسْمَ وَقَالَ لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ» .
لِمَا فِيهِ مِنْ اشْتِقَاقِ اسْمِ الْبِرِّ، وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهَا مَا اُخْتِيرَتْ لِسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ إلَّا

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست