responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القوانين الفقهية المؤلف : ابن جزي الكلبي    الجزء : 1  صفحة : 10
ملكوت كل شَيْء أَلا ترى أثر قدرته فِي اختراع الموجودات وإمساك الأَرْض وَالسَّمَاوَات ونفوذ أمره فِي التَّصَرُّف فِي الْمَخْلُوقَات فَفِي كل يَوْم يُمِيت ويحيي ويخلق ويفني ويفقر ويغني وَيهْدِي ويضل ويعز ويذل وَيُعْطِي وَيمْنَع ويخفض وَيرْفَع ويسعد ويشقي ويعافي ويبتلي ((إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون)) (وَأما الْإِرَادَة) فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ المريد لجَمِيع الكائنات الْمُدبر للحادثات الْمُقدر المقدورات الفعال لما يُرِيد فَكل نفع وضر وحلو وَمر وَكفر وإيمان وَطَاعَة وعصيان وَزِيَادَة ونقصان وَربح وخسران فبإرادته الْقَدِيمَة وقضائه وَقدره ومشيئته الحكيمة لَا راد لأَمره وَلَا معقب لحكمه وَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ فِي فعله ((لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون)) كل نعْمَة مِنْهُ فضل وكل نقمة مِنْهُ عدل اقْتضى ذَلِك ملكه وحكمته فالمالك يفعل مَا يَشَاء فِي ملكه وَالْملك يحكم بِمَا أَرَادَ على مماليكه والحكيم أعلم بِمَا تَقْتَضِيه حكمته ((وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ)) قدر أرزاق الْخلق وآجالهم وأعمالهم وشقاوتهم وسعادتهم ((كل فِي كتاب مُبين)) خلق قوما للجنة فيسرهم لليسرى وبعمل أهل الْجنَّة يعْملُونَ وَخلق قوما للنار فيسرهم للعسرى وبعمل أهل النَّار يعْملُونَ ((وَمَا رَبك بظلام للعبيد)) (وَأما الْعلم) فَإِنَّهُ تبَارك وَتَعَالَى اسْمه عَالم بِجَمِيعِ المعلومات مُحِيط بِمَا تَحت الأَرْض السُّفْلى إِلَى مَا فَوق السَّمَاوَات أحَاط بِكُل شَيْء علما وأحصى كل شَيْء عددا وَعلم مَا كَانَ وَمَا يكون وَمَا لَا يكون لَو كَانَ كَيفَ كَانَ يكون وَهُوَ حَاضر بِعِلْمِهِ فِي كل مَكَان ورقيب على كل إِنْسَان ((يعلم سركم وجهركم وَيعلم مَا تكسبون)) قد اسْتَوَى عِنْده الظَّاهِر وَالْبَاطِن واطلع على مخبآت السرائر ومكنونات الضمائر حَتَّى أَنه يعلم مَا يهجس فِي نفوس الْحيتَان فِي قعور الْبحار ((إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور)) (وَأما السّمع وَالْبَصَر) فَإِنَّهُ تَعَالَى سميع بَصِير لَا يعزب عَن سَمعه مسموع وَإِن خَفِي وَلَا يغيب عَن رُؤْيَته مرأى وَإِن دق ((يعلم السِّرّ وأخفى)) حَتَّى دَبِيب النملة السَّوْدَاء على الصَّخْرَة الصماء فِي اللَّيْلَة الظلماء ((لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء)) وَمَا أحسن تعقيب هَذَا ببرهان ((هُوَ الَّذِي يصوركم فِي الْأَرْحَام كَيفَ يَشَاء)) (وَأما الْكَلَام) فَإِنَّهُ جلّ وَعز مُتَكَلم بِصفة أزلية لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت وَلَا يقبل الْعَدَم وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ من السُّكُوت وَلَا التَّبْعِيض وَلَا التَّقْدِيم وَلَا التَّأْخِير الَّذِي لَا يشبه كَلَام المخلوقين كَمَا لَا تشبه ذَاته ذَوَات المخلوقين لَا تنفذ كَلِمَاته كَمَا لَا تحصى معلوماته وَلَا تَنْحَصِر مقدوراته ((قل لَو كَانَ الْبَحْر مدادا لكلمات رَبِّي لنفذ الْبَحْر قبل أَن تنفذ كَلِمَات رَبِّي وَلَو جِئْنَا بِمثلِهِ مدَدا)) وَالدَّلِيل على ثُبُوت هَذِه الصِّفَات ثَلَاثَة أوجه (الْوَجْه الأول) أَنَّهَا صِفَات كَمَال فَوَجَبَ وصف الله بهَا وأضدادها صِفَات نقص فَوَجَبَ تنزيهه عَنْهَا ((وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى)) (الْوَجْه الثَّانِي) أَنَّهَا تدل عَلَيْهَا آثَار حكمته فَإِن اتقان الصَّنْعَة دَلِيل على حَيَاة الصَّانِع وَقدرته وَعلمه وَسَائِر صِفَاته (الْوَجْه الثَّالِث) مَا ورد من النُّصُوص الصَّرِيحَة فِي الْقُرْآن وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة

اسم الکتاب : القوانين الفقهية المؤلف : ابن جزي الكلبي    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست